وقوله: ﴿وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ﴾ جعل هنا يحتمل أن يكون بمعنى صير، فيتعدى إلى مفعولين وهما ﴿الْأَنْهَارَ﴾ و ﴿تَجْرِي﴾، وأن يكون بمعنى أنشأ فيتعدى إلى مفعول واحد وهو ﴿الْأَنْهَارَ﴾، و ﴿تَجْرِي﴾ حال منها.
وقوله: ﴿مِنْ تَحْتِهِمْ﴾ يحتمل أن يكون متعلقًا بـ ﴿تَجْرِي﴾، وأن يكون حالًا من المستكن في ﴿تَجْرِي﴾، أي: وهي من تحتهم، ولك أن تجعل ﴿مِنْ تَحْتِهِمْ﴾ هو المفعول الثاني لجعل على الوجه الأول، أو حالًا من ﴿الْأَنْهَارَ﴾ على الوجه الثاني، و ﴿تَجْرِي﴾ على هذا حال من المستكن في الظرف وهو ﴿مِنْ تَحْتِهِمْ﴾، أي: وجعلنا الأنهار من تحتهم (١) جارية.
وقوله: ﴿وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ﴾ (من بعدهم) من صلة قوله: ﴿أَنْشَأْنَا﴾.
﴿وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ﴾ المراد بالكتاب هنا المكتوب (٢). والقِرطاس: الذي يكتب فيه (٣)، والقُرطاس بالضم مثله (٤)، وبه قرأ بعض القراء (٥).
وقوله: ﴿فِي قِرْطَاسٍ﴾ يحتمل أن يكون في موضع الصفة لكتاب، وأن يكون متعلقًا به، كقولك: زيد مضروب في الدار.
(٢) كذا لفظ الزمخشري ٢/ ٤، وابن عطية ٦/ ٩.
(٣) قالوا: واسم القرطاس لا ينطلق إلا على ما فيه كتابة، فإن لم يكن فيه كتابة قيل: طرس. انظر النكت والعيون ٢/ ٩٥. وقال الجواليقي في المعرب/ ٢٧٦/: ويقال إن أصله غير عربي.
(٤) كذا في إعراب النحاس ١/ ٥٣٧، وصحاح الجوهري (قرطس).
(٥) هم أبو رزين، وعكرمة، وطلحة، ويحيى بن يعمر. انظر زاد المسير ٣/ ٧.