وقوله: ﴿فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ أصل حاق حَيَقَ، فلما تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفًا، يقال: حاقَ به الشيءُ يَحِيقُ حَيْقًا، إذا أحاط به، وحاق بهم العذاب، أي: أحاط بهم ونزل.
و(ما) في ﴿مَا كَانُوا﴾ يحتمل أن يكون بمعنى الذي، وفيه تقديران:
أحدهما: فأحاط بهم الشيء الذي كانوا يستهزئون به، وهو الحق حيث أهلكوا من أجل الاستهزاء به.
والثاني: فأحاط بهم الذي كانوا يستهزئون به من العذاب وينكرونه.
وأن يكون بمعنى المصدر، أي: فأحاط بهم عاقبة استهزائهم (١). وهو في كلا الوجهين فاعل حاق.
وقيل: أصل حاق حقَّ، بمعنى: حق بهم المكروه الذي تقدم الخبر به، فقلب إحدى القافين ياء، وهي الأولى، كما قيل: تَظَنَّيْتُ، وأصله: تظننت.
وقوله: ﴿مِنْهُمْ﴾ فيه وجهان
أحدهما: أن الهاء والميم ترجعان على الرسل وعليه المعنى.
والثاني: أنهما ترجعان على الذين سخروا.
فمنهم على الوجه الأول: متعلق بسخروا، وعلى الوجه الثاني: حال من الواو في ﴿سَخِرُوا﴾، و ﴿بِهِ﴾ متعلق بيستهزئون، والضمير في ﴿بِهِ﴾ راجع إلى ﴿مَا﴾.
﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (١١)﴾: