تأخير السبب وتقديم المُسَبَّبِ فاعرفه، والفاء على هذا للعطف.
وزعم أبو الحسن: أن محله النصب على البدل من الكاف والميم في ﴿لَيَجْمَعَنَّكُمْ﴾ (١)، وأُنكر عليه من وجهين:
أحدهما: أن قوله: ﴿لَيَجْمَعَنَّكُمْ﴾ مشتمل على سائر الخلق، على الذين خسروا أنفسهم وغيرهم، فلا وجه لاختصاصه بهم (٢).
والثاني: أن ضمير المخاطب لا يُبْدَلُ منه غير مخاطَب، لا تقول: رأيتك زيدًا على البدل؛ لأن ضمير المخاطب في غاية الوضوح فلا حاجة إلى البدل منه (٣).
﴿وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَلَهُ مَا سَكَنَ﴾: ابتداء وخبر، و ﴿مَا﴾ بمعنى الذي، و ﴿مَا سَكَنَ﴾ من السُكْنَى، ولذلك عُدِّي بفي، كقوله: ﴿وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ (٤).
فإن قلت: على أي شيء عطف قوله: ﴿وَلَهُ مَا سَكَنَ﴾؟ قلت: على (لله) في قوله: ﴿قُلْ لِلَّهِ﴾ (٥) على معنى: أن ما استقر فيهما أيضًا لله جل ذكره، وإلى هذا ذهب ابن الأعرابي، قال: وله ما حل فيهما (٦).
﴿قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٤)﴾:
(٢) هذا الوجه للزجاج ٢/ ٢٣٢.
(٣) هذا الوجه للمبرد كما في إعراب النحاس ١/ ٥٣٨. وذكره مكي كما تقدم.
(٤) سورة إبراهيم، الآية: ٤٥.
(٥) من الآية السابقة.
(٦) حكاه عن ابن الأعرابي: ابن الجوزي في زاده ٣/ ١٠. وقد تقدمت ترجمة ابن الأعرابي.