محذوف، أي: أُقَدِّرُ لكم شيئًا مِثلَ صورة الطير. والهيئة: الصورة المهيأة.
﴿فَأَنْفُخُ فِيهِ﴾: الضمير في ﴿فِيهِ﴾ للمفعول المذكور آنفًا، وقيل: للهيئة؛ لأنها بمعنى المُهَيَّأ، كالخلق بمعنى المخلوق، فتكون الهيئة على هذا مصدرًا، وقيل: للكاف، أي: في ذلك الشيء المماثل لهيئة الطير (١).
وقوله: ﴿فَيَكُونُ طَيْرًا﴾ كان هنا يحتمل أن تكون تامة بمعنى: فيصير طيرًا، أي: فينقلب من جنس الطين إلى جنس الطير، فيصير طيرًا كسائر الطيور حيًّا طيّارًا بإذن الله، أي: بأمره وتكوينه، وأن تكون ناقصة، فـ ﴿طَيْرًا﴾: على الأول: حال من المنوي في قوله: ﴿فَيَكُونُ﴾، وعلى الثاني: خبر كان، أي: فيكون هذا الشخص طيرًا أو طائرًا.
وقوله: ﴿بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ يجوز أن يكون من صلة ﴿طَيْرًا﴾، وأن يكون من صلة ﴿فَيَكُونُ﴾.
وقوله: ﴿وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ﴾ عطف على ﴿أَخْلُقُ﴾. والأكمه: الذي ولد أعمى، وقيل: هو الممسوح العين (٢).
﴿بِمَا تَأْكُلُونَ﴾: يحتمل أن تكون (ما) موصولة وما بعدها صلتها. وأن تكون موصوفة وما بعدها صفتها. وأن تكون مصدرية، أي: بأكلكم.
﴿وَمَا تَدَّخِرُونَ﴾: عطف عليها، وحُكْمُها في الاحتمال حُكْمُها. وتدخرون: تفتعلون من الذُّخْر، وأصله تَذْتخرون، فأُبدل من التاء دال لتوافق الذال في الجهر، لأن الذال مجهورة، والتاء مهموسة فأُبدل من مخرجها
(٢) الأول هو قول أبي عبيدة في مجاز القرآن ١/ ٩٣، وذكره ابن دريد في الجمهرة (كمه)، والأنباري في الأضداد/٣٧٨/ كلاهما عن أبي عبيدة. وهو قول الزجاج ١/ ٤١٤ أيضًا. والثاني هو قول الزمخشري في الكشاف ١/ ١٩٠. وقال الراغب في المفردات (كمه): هو الذي يولد مطموس العين.