بضميرها وإن لم يجر لها ذكر، لكونها معلومة. وقيل: للساعة (١)، على معنى: قصرنا في شأنها وفي الإِيمان بها. وقيل: للأعمال (٢) وإن لم يجر لها صريح ذكر، ولكن في الكلام دليل عليها. وقيل: للجنة (٣).
والوجه أن يعود إلى ﴿السَّاعَةُ﴾ لجري ذكرها مع صحة المعنى، وإذا صح العائد إلى مذكور فلا وجه للعدول عنه إلى غيره بغير دليل.
وقوله: ﴿وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ﴾ محل الجملة النصب على الحال من الضمير في ﴿قَالُوا﴾، والأوزار: الأثقال من الإِثم، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - (٤).
وقوله: ﴿أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ﴾ (ما) هنا تحتمل أن تكون نكرة موصوفة في موضع نصب مفسرة للمستكن في (ساء)، والمخصوص بالذم محذوف تقديره: بئس الشيء شيئًا يزرونه، أي: يحملونه وزرهم، كقوله: ﴿سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ﴾ (٥)، أي: ساء المَثَلُ مَثَلًا مِثْلُ القوم، وأن تكون موصولة في موضع رفع بـ ﴿سَاءَ﴾، وقد ذكر نظيرهما فيما سلف من الكتاب بأشبع من هذا (٦).
﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٣٢)﴾:
(٢) هكذا عبر عنه الزمخشري ٢/ ١٠. وتبعه العكبري ١/ ٤٩٠.
(٣) أخرجه ابن جرير ٧/ ١٧٨ عن السدي بلفظ: (على ما فرطنا فيها) فضيعنا من عمل الجنة وانظر القرطبي ٦/ ٤١٣. وبقي قول لم يذكره المؤلف إلا إذا أراد به (الأعمال). وهو قول الإمام الطبري في نفس الموضع السابق: أن المراد به (الصفقة)، التي تستفاد من قوله تعالى: ﴿قَدْ خَسِرَ... ﴾. وحكاها عنه البغوي ٢/ ٩٣، وابن عطية ٦/ ٣٦، وابن الجوزي ٣/ ٢٦، والرازي ١٢/ ١٦٤.
(٤) انظر تنوير المقباس/١٠٨/، وجامع البيان ١٢/ ١٦٤. وهو تفسير أهل اللغة أيضًا. انظر معاني الزجاج ٢/ ٢٤٢. وأنكره الطبري ٧/ ١٧٩ وقال: زعم بعضهم أن الوزر الثقل والحمل، ولست أعرف ذلك كذلك في شاهد ولا من رواية ثقة عن العرب.
(٥) سورة الأعراف، الآية: ١٧٧.
(٦) انظر أوجه إعراب (ما) بعد بئس وساء في الآية (٩٠) من البقرة.