زيادة (مِن) في الواجب، مستشهدًا بقوله جل ذكره: ﴿يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ﴾ (١). وصاحب الكتاب لا يجيز زيادتها في الواجب (٢).
وقيل: التقدير: ولقد جاءك من نبأ المرسلين بعض أنبائهم وقَصَصهم وما كابدوا من إيذاء المشركين (٣).
وقوله: ﴿مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ﴾ أي: من أنبائهم، بشهادة قوله: ﴿وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ﴾ (٤).
﴿وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٣٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ﴾ في (كان) ضمير الشأن والحديث، و ﴿إِعْرَاضُهُمْ﴾ رفع بـ ﴿كَبُرَ﴾، و ﴿كَبُرَ﴾ وما اتصل به في موضع نصب بخبر كان، ومعنى كبر: عظم، يقال: كبرُ الشيء يكبُر بالضم فيهما كِبَرًا وكَبَارةً، إذا عظم، فهو كبيرٌ وكُبَارٌ. وجواب إن الشرطية في قوله: ﴿إِنْ كَانَ﴾ قوله: ﴿فَإِنِ اسْتَطَعْتَ﴾.
وجواب ﴿فَإِنِ اسْتَطَعْتَ﴾ محذوف، أي: فافعل، والمعنى: وإن كان عظم عليك إعراضهم عما جئت به ﴿فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ﴾، النفق: سَرَبٌ في الأرض له مَخْلَصٌ إلى مكان آخر، أي: منفذًا تنفذ فيه إلى ما تحت الأرض حتى تطلع لهم آية يؤمنون بها، ﴿أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ﴾

(١) سورة نوح، الآية: ٤. وانظر مذهب أبي الحسن الأخفش في معانيه ١/ ٢٩٨، والمحرر الوجيز ٦/ ٤٢، والبيان ١/ ٣٢٠.
(٢) كتاب سيبويه ١/ ٣٨. وانظر مذهبه أيضًا في البيان، والتبيان.
(٣) الكشاف ٢/ ١١. وفي (ب) العبارة هكذا: ولقد جاءك من نبأ المرسلين (من) بعض....
(٤) سورة هود، الآية: ١٢٠.


الصفحة التالية
Icon