وَاحِدَةٌ} (١)، وفيه أيضًا رفع مجاز؛ لأن غير الطائر قد يقال فيه: طار، إذا أسرع، وطار الثوب.
ومحل ﴿مِنْ دَابَّةٍ﴾: الرفع على الابتداء، والخبر محذوف، أي: لنا.
و﴿أُمَمٌ﴾: بدل من ﴿دَابَّةٍ﴾ على المحل، ولا يجوز على اللفظ؛ لأن (مِن) لا تزاد في الواجب عند صاحب الكتاب رحمه الله (٢).
و﴿أَمْثَالُكُمْ﴾: نعت لـ ﴿أُمَمٌ﴾، أي: أمثال لكم، أي: مكتوبة أرزاقها وآجالها وأعمالها، كما كتبت أرزاقكم وآجالكم وأعمالكم على ما فسر (٣).
وقوله: ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾ (من) مزيدة لاستغراق الجنس، أي: شيئًا، وهو مفعول ﴿مَا فَرَّطْنَا﴾ على تضمينه معنى ما تركنا وما أغفلنا، أي: ما تركنا ولا أغفلنا في اللوح المحفوظ من شيء من ذلك لم نكتبه، على ما فسر (٤).
ولك أن تبقي ﴿مَا فَرَّطْنَا﴾ على أصله وتعديه إلى قوله: ﴿فِي الْكِتَابِ﴾، وتجعل ﴿مِنْ شَيْءٍ﴾ واقعًا موقع المصدر، أي: ما فرطنا في اللوح المحفوظ من تفريطة بل أثبتنا فيه ما وجب أن يثبت مما يختص به.
﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾ في موضع رفع بالابتداء. و ﴿صُمٌّ وَبُكْمٌ﴾: كلاهما خبر عنه، كقولهم: هذا حلو حامض، ولا تأثير للعاطف.
(٢) تقدم قبل قليل تخريج مذهب سيبويه في عدم زيادة (من) في الواجب.
(٣) الكشاف ٢/ ١٢.
(٤) المصدر السابق. وكون (الكتاب) هو اللوح المحفوظ: قاله ابن عباس رضي الله عنهما، انظر جامع البيان ٧/ ١٨٨، وزاد المسير ٣/ ٣٥.