والعامل معنى الإِشارة. و ﴿مِنَ الْآيَاتِ﴾: حال من الهاء في ﴿نَتْلُوهُ﴾، كأنه قيل: الأمر المشار إليه مَتْلُوًّا كائنًا من الآيات.
وقد أجاز أبو إسحاق: أن يكون ﴿ذَلِكَ﴾ بمعنى الذي، و ﴿نَتْلُوهُ﴾ صلته، والخبر ﴿مِنَ الْآيَاتِ﴾: (١). ولك أن تجعل ﴿ذَلِكَ﴾ مبتدأ و ﴿مِنَ الْآيَاتِ﴾ الخبر، و ﴿نَتْلُوهُ﴾ حالًا من (ذا).
ويجوز أن ينتصب ﴿ذَلِكَ﴾ بمضمر يفسره، ﴿نَتْلُوهُ﴾، أي: نتلو ذلك نتلوه، و ﴿مِنَ الْآيَاتِ﴾ على هذا حال من الهاء أيضًا، فهذه خمسة أوجه، فاعرفهن (٢).
﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ﴾ (كمثل) في موضع رفع بحق خبر ﴿إِنَّ﴾.
وقوله: ﴿خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ﴾ في هذه الجملة وجهان:
أحدهما: أنها مُفَسِّرة لِلْمَثَل، فلا موضع لها من الإِعراب، أي: خلق آدم من تراب، ولم يكن ثَمَّ أبٌ ولا أمٌّ، كذلك شأن عيسى - عليه السلام -.
والثاني: أنها في موضع نصب على الحال من ﴿آدَمَ﴾ وقد معه مرادة، والعامل فيها معنى التشبيه.
﴿ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ أي أنشأه بشرًا مُصوَّرًا، ثم قال له: كن حيًّا. كقوله: ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} (٣) فهو حكاية حال ماضية.

(١) كذا حكاه النحاس ١/ ٣٣٨ عن أبي إسحاق، وانظر معاني أبي إسحاق الزجاج ١/ ٤٢١.
(٢) انظر هذه الأوجه أيضًا في التبيان ١/ ٢٦٦.
(٣) سورة المؤمنون، الآية: ١٤.


الصفحة التالية
Icon