﴿الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (٦٠)﴾ [آل عمران: ٦٠]:
قوله عز وجل: ﴿الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ﴾ خبر مبتدأ محذوف، أي: هو الحق، يعني الذي أنبأه به في شأن عيسى - عليه السلام - وحاله الغريبة.
﴿مِنْ رَبِّكَ﴾: في محل النصب على الحال، أي: كائنًا منه. وقيل: هو متعلق بـ ﴿الْحَقُّ﴾ على المعنى، والتقدير: أتاك من عند ربك.
وقيل: ﴿الْحَقُّ﴾ مبتدأ، و ﴿مِنْ رَبِّكَ﴾ خبره (١)، وأكد الحق بقوله: ﴿مِنْ رَبِّكَ﴾، لأنه إذا كان من الرب فلا يكون إلا حقًّا.
وقيل: هو فاعل فعل مضمر، أي: جاء الحق، فاعرفه (٢).
﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (٦١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ﴾ مَن: شرطية في موضع رفع بالابتداء. ﴿فِيهِ﴾ في عيسى - عليه السلام -، والضمير له، وقيل: للحق في قوله: ﴿الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ﴾ (٣).
﴿مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ﴾: متعلق بـ ﴿حَاجَّكَ﴾. و (ما) موصول. و ﴿مِنَ الْعِلْمِ﴾: في موضع نصب على الحال من المستكن في ﴿جَاءَكَ﴾، أي: كائنًا منه.
فإن قلت: هل يجوز أن تكون ﴿مَا﴾ مصدرية و ﴿مِنَ﴾ مزيدة، وجاء خاليًا من الضمير مسندًا إلى العلم؟ قلت: أما على رأي صاحب الكتاب

(١) قدم ابن عطية ٣/ ١١٠ هذا الإعراب، واقتصر جمهور المعربين على الأول.
(٢) انظر تفسير القرطبي ٤/ ١٠٣ - ١٠٦.
(٣) جوزه الطبري ٣/ ٢٩٨ بعد أن ذكر الأول.


الصفحة التالية
Icon