رحمه الله فلا، لأن (من) لا تزاد عنده في الواجب، وأما على رأي أبي الحسن فلا يبعد (١).
﴿فَقُلْ تَعَالَوْا﴾: الفاء جواب الشرط، وأصل تعالَوا: (تَعالَيُوا)؛ لأنه يقال للواحد منه: تعال يا هذا، وأصله تعالَيَ، بدليل قول المخبر عن نفسه بالمجيء: تعاليت أتعالى تعاليًا، والياء منقلبة عن واو؛ لأنه من العلو، وإنما قلبت ياء لوقوعها رابعة، ثم قلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها. وللاثنين: تعاليا، وللجمع: تعالَوا بحذف الألف لالتقاء الساكنين هي وواو الجمع، وبقيت الفتحة تدل عليها. وللمرأة: تعالَي، ولجماعة المؤنث: تعالَينَ. فتعالَوا تفاعوا (٢) من العلو: أي: ارتفعوا، هذا أصله، ثم كثر حتى استعمل لطلب كل مجيء.
﴿نَدْعُ﴾: جواب لشرط مضمر، ﴿ثُمَّ نَبْتَهِلْ﴾: عطف عليه، وكذلك ﴿فَنَجْعَلْ﴾: عطف عليه.
والابتهال: الالتعان، والبَهْلُ: اللعن. يقال: عليه بَهْلَةُ الله، وبُهلة الله، بفتح الباء وضمها، أي: لعنة الله، وبَهَلَهُ اللَّهُ: لَعَنَهُ وأبعده من رحمته. قيل: هو من قولهم: أبهله، إذا أهمله، وناقة باهل: لا صِرار عليها، وهو خيط يُشد فوق الخِلْفِ لئلا يرضعها ولدها (٣)، قالت امرأة من العرب لزوجها: أتيتُكَ باهِلًا غير ذات صِرار (٤).
وأصل الابتهال هذا، ثم استعمل في كل دعاء يُجتهَد فيه وإن لم يكن التعانًا.

(١) انظر الكتاب ٢/ ٣١٥ - ٣١٧. وتقدم مذهب الأخفش أكثر من مرة، وانظره في معانيه ١/ ١٠٥.
(٢) في الأصول: تفاعلوا باللام.
(٣) الخلف بكسر الخاء: حلمة ضرع الناقة.
(٤) هي امرأة دريد بن الصمة وقد أراد تطليقها، انظر مقاييس اللغة، والصحاح في (أدم) و (بهل).


الصفحة التالية
Icon