بتخفيفها ورفع الكتاب (١)، على إسناد الفعل إليه.
وقوله: ﴿لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ اللام من صلة قوله: ﴿مُصَدِّقًا﴾، و ﴿بَيْنَ﴾ ظرف للاستقرار، والضمير في ﴿يَدَيْهِ﴾ للكتاب.
و﴿التَّوْرَاةَ﴾: أصلها: وَوْرَيَةٌ (فَوْعَلَة) من وَرِيَ الزَنْدُ يَرِي بالكسر فيهما. وفيه لغة أخرى: وَرَى الزندُ يَرِي بفتح العين في الماضي وكسرها في الغابر وَرْيًا فيهما، إذا خرجت ناره، وأوريتُه أنا وورَّيته إيراء وتوريةً، فأُبدلت الواو الأولى تاءً كما أبدلت في تَوْلَجٍ (٢)، وأصله: وَوْلج من الوُلُوج، وفُعِل ذلك لاستثقال الواو أولًا، ولذلكَ لا تزاد أولًا - أعني الواو - وقلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، هذا مذهب أهل البصرة (٣).
وقال أهل الكوفة: أصلها تورية، على تفعِلة، كتوصية، وتوخية، ثم أبدلت من الكسرة فتحة استثقالًا للكسرة على حرف العلة، فانقلبت الياء ألفًا، كما قالوا في جارية وناصية: جاراةٌ وناصاةٌ (٤)، والأول هو الوجه، لكثرة فوعلة في الكلام، وقلة تَفْعِلة (٥).
وقيل: هي تَفْعِلَة من وَرَّى، إذا كَنَّى، لأنها كنايات وإشارات (٦).
وسميت توراة، لما فيها من الضياء الذي يستضاء به، كما يستضاء بما في الزناد من النور.
(٢) التولج: كِناس الوحش الذي يلج فيه. الصحاح (ولج). ونقل عن سيبويه أن التاء مبدلة عن الواو.
(٣) انظر هذا المذهب في معاني الزجاج ١/ ٣٧٥، والبيان ١/ ١٩٠.
(٤) في الصحاح (نصا): والناصاة: الناصية بلغة طيء.
(٥) انظر مذهب الكوفيين في البيان ١/ ١٩٠، وحكاه العكبري ١/ ٢٣٦ عن الفراء منهم.
(٦) كونها من (تفعَلة) بفتح العين: حكوه عن الفراء أيضًا. انظر الرازي ٧/ ١٣٨، والقرطبي ٤/ ٥، ونقله الزجاج ١/ ٣٧٤ عن الكوفيين.