واختلف في الإنجيل على وجهين:
أحدهما: أنه إفعيل من النَجْل، وهو الأصل الذي يتفرع عنه غيره، ومنه سمي الولد نجلًا. قال أبو إسحاق: هكذا يقول جميع أهل اللغة، يعني أنه إِفعيل من النجل، وهو الأصل (١).
والبهاني: أنه إفعيل من السَّعَة، من قولهم: طعنةٌ نجلاء، أي: واسعة بَيِّنَةُ النجَلِ. والنَّجَلُ بالتحريك؛ سَعَةُ شَقِّ العين، والرَّجُلُ أنجلُ، والعينُ نجلاءُ (٢).
قيل: لأن كتاب عيسى عليه السلام تضمن سَعَةً لم تكن لليهود (٣).
الزمخشري: التوراة والإنجيل اسمان أعجميان، وَتَكَلُّفُ اشتقاقِهما من الوري والنجل، ووزنهما بتفعِلة وإفعيل إنما يصح بعد كونهما عربيين، وقرأ الحسن: (الأَنجيلُ) بفتح الهمزة (٤)، وهو دليل على العجمة، لأن أَفعيلَ عديم في أوزان العرب، انتهى كلامه (٥).
وجمع توراة: تَوارٍ، وجمع إنجيل: أَناجيل.
﴿مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ﴾ (من) من صلة ﴿وَأَنْزَلَ﴾، و ﴿قَبْلُ﴾ غايةٌ مبني على الضم، وإنما بنيت لقطعها عن الإضافة، أي: من قبل الفرقان، وهو القرآن.

(١) معاني أبي إسحاق الزجاج ١/ ٣٧٥.
(٢) كذا في الصحاح (نجل).
(٣) كذا في التبيان ١/ ٢٣٦.
(٤) انظر قراءة الحسن البصري رحمه الله في المحتسب ١/ ١٥٢، والكشاف ١/ ١٧٣، والمحرر الوجيز ٣/ ١٢، والقرطبي ٤/ ٦.
(٥) انظر كلام الزمخشري هذا في الكشاف ١/ ١٧٣.


الصفحة التالية
Icon