والقصر والإقصار والتقصير لغات بمعنًى، وقد قرئ بهن (١)، فتَقْصُرُوا من قَصُرَ، وتُقْصِرُوا من أقصر، وتُقَصِّرُوا من قَصرَ.
وقوله: ﴿مِنَ الصَّلَاةِ﴾ في موضع نصب على أنه صفة لموصوف محذوف تقديره: أن تقصروا شيئًا من الصلاة. هذا مذهب صاحب الكتاب رحمه الله (٢). ولك أن تجعل (من) مزيدة على قول من جوز ذلك (٣)، أي: أن تقصروا الصلاة.
وقوله: ﴿إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ﴾ أي: خفتم فتنتهم. قال الفراء: أهل الحجاز يقولون: فَتَنْتُهُ، وتميم وربيعة وقيس وأسد يقولون: أَفْتَنْتُهُ (٤). وَفَرَّقَ الخليل وصاحب الكتاب بينهما فقالا: يقال: فتنته، إذا جعلت فيه فتنة ككحلتُهُ، وأفتنتُه، إذا جعلته مُفْتَتِنًا (٥).
وعن الأصمعي: لا أعرف أفتنتُهُ (٦).
قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا﴾ كان للدوام، وقيل: كانوا في علم الله أعداء لكم، و ﴿لَكُمْ﴾ متعلق بعدو، وهو بمعنى أعداء. وقيل: عدو مصدر على فعول كالولوع، فلذلك لم تجمع، و ﴿لَكُمْ﴾ على هذا الوجه حال على تقدير تقديمه على الموصوف وهو ﴿عَدُوًّا﴾، وفي الكلام حذف المضاف، أي: ذَوِي عَدُوٍّ (٧).
(٢) كذا ذكره عنه أيضًا صاحب التبيان ١/ ٣٨٦.
(٣) تقدم مذهب الأخفش في جواز زيادة (مِن) في القرآن، وحكاه عنه هنا أيضًا العكبري.
(٤) انظر قول الفراء في إعراب النحاس ١/ ٤٤٩.
(٥) الكتاب ٤/ ٥٦، وحكاه عنه النحاس في الموضع السابق.
(٦) ذكره عنه النحاس أيضًا.
(٧) انظر مشكل مكي ١/ ٢٠٤، والتبيان ١/ ٣٨٦.