والمستكن في ﴿وَلَا يَأْمُرَكُمْ﴾، ﴿أَيَأْمُرُكُمْ﴾ لله أو للبشر. ومنصوبًا (١) عطفًا على ﴿ثُمَّ يَقُولَ﴾ (٢) وقيل: فيه وجهان:
أحدهما: أن تجعل (لا) مزيدة لتأكيد معنى النفي في قوله: ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ﴾ والمعنى: ما كان لبشر أن يستنبئه الله وينصبه للدعاء إلى اختصاص الله بالعبادة وترك الأنداد، ثم يأمر النالس بأن يكونوا عبادًا له ويأمركم ﴿أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا﴾.
والثاني: أن تجعل (لا) غير مزيدة، والمعنى: أن رسول الله - ﷺ - كان ينهى قريشًا عن عبادة الملائكة، واليهودَ والنصارى عن عبادة عزير والمسيح، فلما قالوا له: أنتخذك ربًا؟ قيل لهم: ما كان لبشر أن يستنبئه الله ثم يأمر الناس بعبادته وينهاهم عن عبادة الملائكة والأنبياء. والمستكن في ﴿وَلَا يَأْمُرَكُمْ﴾ للبشر على الوجه الأول، وعلى الثاني لرسول - ﷺ - الله أو للبشر.
قوله: ﴿أَيَأْمُرُكُمْ﴾ الهمزة فيه للإِنكار. ﴿بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ﴾: (إذ) في موضع جر بإضافة ﴿بَعْدَ﴾ إليها، وإضافته إليها أخرجتها من أن تكون ظرفًا، وصارت اسمًا كسائر الأسماء. و ﴿أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ في موضع جر بإضافة ﴿إِذْ﴾ إليها.
﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٨١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ﴾ أي: واذكر إذ أخذ الله. وقيل واذكروا يا أهل الكتاب (٣).
(٢) من الآية السابقة.
(٣) هذا قول الإمام الطبري ٣/ ٣٣٠، والأول للزجاج ١/ ٤٣٦، والنحاس ١/ ٣٤٨.