﴿لَمَا آتَيْتُكُمْ﴾: (ما) تحتمل أن تكون موصولة في موضع رفع بالابتداء، واللام لامُ الابتداء دخلت لتوكيد معنى القسم، لأن أخذ الميثاق قَسَمٌ في المعنى، وفي ﴿لَتُؤْمِنُنَّ﴾ لام جواب القسم، كاللتين في قوله: ﴿لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ (١). و ﴿آتَيْتُكُمْ﴾ صلتها، وعائدها محذوف، أي: للذي آتيتكموه.
واختلف في الخبر:
فقيل: ﴿مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ﴾، و (مِن) للتبيين كالتي في قوله: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ﴾ (٢). وقيل: مزيدة كالتي في قوله: ﴿يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ﴾ (٣) و (مِن) لا تزاد في الواجب عند صاحب الكتاب رحمه الله.
وقيل: ﴿لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ﴾، فناب جواب القسم عن الخبر (٤).
وقوله: ﴿ثُمَّ جَاءَكُمْ﴾ عطف على ﴿آتَيْتُكُمْ﴾، واختُلف في العائد إلى (ما) من هذه الجملة:
فقيل: إن قوله: ﴿لِمَا مَعَكُمْ﴾ في موضع الضمير، لأن (ما معكم) في معنى: ما آتيتكم، فكأنه قيل: للذي آتيتكموه، ثم جاءكم رسول مصدق له، فلا بد من تقدير هذا العائد من الجملة المعطوفة على الصلة، ألا ترى أنك لو قلتَ: الذي قام أبوه ثم زيد منطلق ذاهب، لم يجز حتى تقول: معه، أو من أجله ذاهب، فتأتي في الجملة المعطوفة على الصلة بما يعود على الموصول، كما كان في الجملة التي هي صلة الموصول في قولك. الذي قام أبوه كذلك، ثم تأتي بخبر المبتدأ بعد ذلك.

(١) سورة الأعراف، الآية: ١٨.
(٢) سورة الحج، الآية: ٣٠.
(٣) سورة نوح، الآية: ٤.
(٤) انظر هذه الأقوال من الإعراب أيضًا في إعراب النحاس ١/ ٣٤٨، ومشكل مكي ١/ ١٤٧.


الصفحة التالية
Icon