﴿كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٨٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ﴾ (كيف) نصب بقوله: ﴿يَهْدِي﴾، ولفظه استفهام ومعناه نفي، أي: لا يهديهم.
﴿وَشَهِدُوا﴾: يحتمل أن يكون عطفًا على ما في ﴿إِيمَانِهِمْ﴾ من معنى الفعل؛ لأن معناه بعد أن آمنوا، كقوله تعالى: ﴿فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ﴾ (١)، وقول الشاعر:

١٢٣ - دَعْنِي فَأَذْهَبَ جانِبًا يومًا وأَكْفِكَ جَانِبا (٢)
وقوله:
١٢٤ - بَدَا لِيَ أَنِّي لَسْت مُدْرِكَ ما مَضَى ولا سابقٍ شَيئًا إذا كان جَائِيا (٣)
وأن يكون حالًا من الضمير في ﴿كَفَرُوا﴾ وقد معه مرادة، أي: كفروا وقد شهدوا أن الرسول حق. وقيل: هو عطف على ﴿كَفَرُوا﴾، أي: كيف يهديهم بعد اجتماع الأمرين (٤)، وإنها نزلت في قوم ارتدوا، ثم أرادوا الرجوع إلى الإسلام ونيتهم الكفر (٥).
(١) سورة المنافقون، الآية: ١٠.
(٢) نسبه الزمخشري في المفصل/ ٣٠٦/ إلى عمرو بن معديكرب، وقال البغدادي في الخزانة ٩/ ١٠٢، لم أجده في ديوانه، ولا وجده غيري.
(٣) ينسب هذا البيت إلى زهير بن أبي سلمى، أو إلى صرمة الأنصاري، أو إلى عبد الله بن رواحة رضي الله عنه. انظر كتاب سيبويه ١/ ١٦٥، وجمل الزجاجي/ ٨٦/، والخصائص ٢/ ٣٥٣، والإنصاف ١/ ١٩١، وابن يعيش ٢/ ٥٢، والشاهد فيه جر (سابق) على تقدير الباء في (مدرك).
(٤) الوجهان الأول والثاني للزمخشري ١/ ٢٠٠، والوجه الأخير لابن عطية ٣/ ١٥٢.
(٥) هذا قول الزجاج ١/ ٤٣٩. وعزاه الماوردي في النكت والعيون ١/ ٤٠٨ لابن عباس رضي الله عنهما.


الصفحة التالية
Icon