وَمِثْلَهُ مَعَهُ} (١) والمِثْلُ يحذف كثيرًا في كلامهم، كقولك: ضرَبْتُهُ ضرْبَ زيدٍ، تريد مِثْلَ ضرْبِه، وأن يراد فلن يقبل من أحدهم ملءُ الأرض ذهبًا كانَ قد تصدق به، ولو افتدى به أيضًا لم يقبلْ (٢) منه.
والجمهور على البناء للمفعول في ﴿فَلَنْ يُقْبَلَ﴾ ورفع الملء. وقرئ: على البناء للفاعل وهو الله جل ذكره ونصب الملء (٣).
وقوله: ﴿وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾ (ناصرين) مبتدأ، و ﴿مِنْ﴾ مزيدة، وخبره ﴿لَهُمْ﴾ والجملة في موضع نصب على الحال من الهاء والميم في قوله: ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ والعامل فيها معنى الاستقرار، ويحتمل أن تكون مستأنفة.
﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (٩٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ﴾ أي: لن تصيبوا كمال الخير، والبر: الخير الذي تحبه النفوس، وقيل فيه غير هذا.
وقوله: ﴿مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ من: للتبعيض، تعضده قراءة من قرأ: (حتى تنفقوا بعض ما تحبون) وهو عبد الله (٤) - رضي الله عنه -. و (ما) موصولة، وما بعدها صلتها، والعائد محذوف، أي: تحبونه. ويحتمل أن تكون موصوفة، وما بعدها صفتها. وأن تكون مصدرية تسمية للمفعول بالمصدر، كخَلْقِ اللَّه، وضَرْبِ الأميرِ.
وقوله: ﴿وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ﴾ (ما) شرطية نصب بـ ﴿تُنْفِقُوا﴾،
(٢) الكلام هنا على (ولو افتدى به) لصاحب الكشاف ١/ ٢٠١ - ٢٠٢.
(٣) هكذا نسبت إلى عيسى بن سليمان الحجازي، وقرأها كذلك عكرمة لكن (نقبل) بنون العظمة. انظر مختصر الشواذ/ ٢١/، والمحرر الوجيز ٣/ ١٥٦، والدر المصون ٣/ ٣٠٦.
(٤) كذا في البحر ٢/ ٥٢٤. وقال السمين ٣/ ٣١٠: وهذه عندي ليست قراءة بل تفسير معنى.