﴿فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (٩٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فِيهِ آيَاتٌ﴾ (آيات): رفع بالابتداء، أو بالظرف. والضمير في ﴿فِيهِ﴾ للبيت. والجملة تحتمل أن تكون في موضع نصب على الحال، وذو الحال إمّا المنوي في ﴿وُضِعَ﴾ (١)، أو في قوله: ﴿بِبَكَّةَ﴾ على قول من جَوَّزَ حالين من ذي حال واحد (٢)، وإما من المستكن في ﴿مُبَارَكًا﴾. وأن تكون مستأنفة مُوضِحَةً معنى البركة والهدى.
وقوله: ﴿مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ﴾ فيه أوجه:
أحدها: أنه مبتدأ وخبره محذوف، أي: منها مقام إبراهيم.
والثاني: أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: هن مقام إبراهيم.
والثالث: أنه بدل منها.
والرابع: أنه عطف بيان لها.
واختُلف في استجازة بيان الجماعة بالواحد، والخبر عنها على الوجه الثاني بالمفرد على ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يُجْعَلَ وحدَهُ بمنزلة آيات كثيرة، لظهور شأنه، وقوة دَلالته على قدرة الله تعالى، ونبوة إبراهيم عليه السلام من تأثير قَدَمِهِ في حَجَرٍ صَلْدٍ كقوله: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً﴾ (٣).

= وألطف عندما قال بعد أن ذكر الوجه: ولا حاجة إلى تكلف هذا الإضمار. قلت أيضًا: ليس المؤلف رحمه الله سابقًا إلى هذا الوجه بل سبقه إليه أئمة أجلاء، انظر معاني الزجاج ١/ ٤٤٥، وإعراب النحاس ١/ ٣٥٢.
(١) من الآية السابقة، وكذلك كلمتي: (ببكة) و (مباركًا) التاليتين.
(٢) انظر في هذه المسألة: الأشموني ٢/ ١٨٣ - ١٨٤.
(٣) سورة النحل، الآية: ١٢٠.


الصفحة التالية
Icon