كون الثاني بعد الأول والمعنى على خلافه، فلذلك احتيج إلى هذا التقدير.
و﴿بَيَاتًا﴾ مصدر قولك: بات يبيت بيتًا وبياتًا ومَبيتًا وبيتوتة بمعنىً، قال أبو إسحاق: يقال: بات بياتًا حسنًا، وبيتةً حسنة، انتهى كلامه (١).
وهو هنا يحتمل أن يكون في موضع الحال بمعنى بائتين إن حملته على المعنى، أو بائتة إن حملته على اللفظ، وأن يكون ظرفًا إذ المراد به الليل، وقد جوز أن يكون مفعولًا من أجله (٢).
وقوله: ﴿أَوْ هُمْ قَائِلُونَ﴾ (أو) حرف عطف، وهي هنا لتفصيل الجمل وتصرف الشيء مرة كذا ومرة كذا، أي: جاء بعضهم بأسنا ليلًا، وبعضهم نهارًا، فهي في الخبر هنا بمنزلة (أو) في الإِباحة.
و﴿أَوْ﴾ ها هنا أحسن من الواو، لأن الواو توجب اجتماع الشيئين، و (أو) التي للإِباحة توجبهما مجتمعين ومفترقين، ألا ترى أنك إذا قلتَ: ضربت القوم ضاحكين وباكين، لأوجبتِ الواوُ أنك ضربتهم وهم على هاتين الحالين، وإذا قلتَ: ضربتهم ضاحكين أو باكين، مخبرًا غير شاكٍّ لأوجبتْ (أو) أنك ضربتهم مرة على هذه الحال، ومرة على هذه الحالة، وكذا في الآية.
ولو أتيت فيها بالواو مكان ﴿أَوْ﴾ لصار المعنى: أهلكناهم بالليل وهم قائلون. والبيات بالليل، والقائلة بالنهار، يقال: قال يقيل قَيلًا وقيلولة ومقيلًا فهو قائل، فاعرفه.
والجملة بعدها في موضع الحال من المضاف المحذوف، كأنه قيل: فجاء أهلها بأسنا بائتين أو قائلين.
فإن قلت: الجملة إذا وقعت حالًا كان معها واو الحال، نحو: جاءني

(١) معانيه ٢/ ٣١٧.
(٢) جوزه العكبري ١/ ٥٥٧.


الصفحة التالية
Icon