زيد وأبوه منطلق، فلم قيل هنا (أو هم) بغير واو الحال؟.
قلت: قال الفراء: إن الواو هنا محذوفة، والتقدير: أو وهم قائلون، وإنما حذفت كراهة اجتماع حرفي عطف (١)؛ لأن واو الحال هي واو العطف استعيرت للوصل.
ورده أبو إسحاق: وقال: لو قلت: جاءني زيدٌ راجلًا أو هو فارس، أو جاءني زيد هو فارس، لم يحتج فيه إلى واو؛ لأن الذِّكْر قد عاد على الأول، وإذا عاد الذكْر استُغني عن الواو (٢).
والصحيح من المذهب وعند الحذاق، أن الحال إذا عطفت على حال قبلها حذفت الواو استثقالًا لاجتماع حرفي عطف، لما ذكرت آنفًا من أن واو الحال وهي واو العطف استعيرت للوصل، فقولك: جاءني زيد راجلًا أو هو فارس، كلام فصيح وارد على حدِّه، وبه ورد القرآن العزيز.
ولو قلت: جاءني زيد هو فارس بغير الواو لكان خبيثًا، فاعرفه فإنه من كلام المحققين من أصحابنا (٣).
فإن قلت: لم خُص هذان الوقتان: وقت البيات، ووقت القيلولة بالعذاب؟ قلت: قيل: لأنهما وقتا الغفلة والدعة، فيكون نزول العذاب فيهما أشد وأفظع (٤). وجاء في التفسير: أن قوم لوط أهلكوا بالليل وقت السحر، وقوم شعيب وقت القيلولة (٥).
(٢) انظر معاني أبي إسحاق ٢/ ٣١٧.
(٣) هذه الفقرة من كلام الزمخشري ٢/ ٥٣، وانظر تفصيلًا أكثر في الدر المصون ٥/ ٢٥٠ - ٢٥٢.
(٤) انظر معاني الزجاج ٢/ ٣١٨. والنكت والعيون ٢/ ٢٠٠. والكشاف ٢/ ٥٣. والمحرر الوجيز ٧/ ٩.
(٥) كذا حكى الزمخشري ٢/ ٥٣.