﴿وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ﴾: عنهم وعما وجد منهم.
﴿وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٨) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ﴾ وقوله: ﴿فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ﴾ ﴿وَالْوَزْنُ﴾ مبتدأ، وخبره ﴿يَوْمَئِذٍ﴾، كما تقول: الخروج يوم السبت. والتنوين في (إذ) عوض مما حذف وهو ما كانت (إذ) تضاف إليه.
و﴿الْحَقُّ﴾ يجوز فيه ثلاثة أوجه (١):
أحدها: أن يكون صفة للوزن، كأنه قيل: والوزن الحق يقع يوم يسأل الله الأمم ورسلهم.
والثاني: أن يكون خبر مبتدأ محذوف، أي: هو الحق.
والثالث: أن يكون بدلًا من المستكن في الظرف الذي هو الخبر.
ويجوز نصب ﴿الْحَقُّ﴾ على المصدر، ولك أن تجعل ﴿الْحَقُّ﴾ خبرًا عن الوزن، و ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ من صلة الوزن ومعمولًا له على أنه ظرف له، أو مفعولًا على السعة.
ولا يجوز على هذا الوجه تقديم الحق على الظرف، لئلا تفصل بين الموصول الذي ﴿وَالْوَزْنُ﴾ وصلته التي هي الظرف بخبر الابتداء.
فإن قلت: هل يجوز أن تجعل ﴿الْحَقُّ﴾ صفة للوزن، أو تنصبه على المصدر إذا جعلت ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ من صلة الوزن؟ قلت: لا، لبقاء المبتدأ بلا خبر.
فإن قلت: تجعل ﴿وَالْوَزْنُ﴾ خبر مبتدأ محذوف، أي: وهذا الوزن، قلت: أما نصبه على المصدر على هذا التقدير فجائز، وأما رفعه على الصفة فلا، لئلا تفرق بين الموصول ومعموله بالصفة، ولا يجوز وصف الموصول

(١) انظر هذه الأوجه وتفريعاتها: مشكل مكي ١/ ٣٠٥ - ٣٠٦. والبيان ١/ ٣٥٤ - ٣٥٥.


الصفحة التالية
Icon