إلّا بعد تمامه بصلته، وقد ذكر فيما سلف من الكتاب.
والوزن: مصدر قولك: وزنت الشيء وزنًا وزنة.
وقوله: ﴿فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ﴾ (مَن) شرطية في موضع رفع بالابتداء، وخبره فعل الشرط أو الجواب، وقد ذكر نظيره في غير موضع.
و﴿مَوَازِينُهُ﴾ جمع ميزان، وأصله مِوْزان، انقلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها. أو جمع موزون، أي: فمن رجحت أعماله الموزونة التي لها وزن وقدر وهي الحسنات، أو ما توزن به حسناتهم.
وأفرد الضمير في ﴿مَوَازِينُهُ﴾ حملًا على لفظ (من)، ثم قيل: ﴿فَأُولَئِكَ﴾ فجمع حملًا على معناه.
وقوله: ﴿بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ﴾ الباء الأولى متعلقة بـ ﴿خَسِرُوا﴾، و (ما) مصدرية، والثانية بـ ﴿يَظْلِمُونَ﴾، وهي مؤكدة لعمل الفعل وناصرة له على العمل؛ لأن المعمول لما تقدم عليها ضَعُف الفعل قليلًا، بشهادة قولهم: زيد ضربت، على تقدير ضربته، فإذا أتوا باللام قالوا: لزيد ضربت، صرفتِ الابتداء عن الاسم، وخصته بالفعل الذي يعمل فيه النصب في حال التأخير البتة، نحو: ضربت زيدًا، وفي التنزيل: ﴿إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ﴾ (١)، ولك أن تضمن ﴿يَظْلِمُونَ﴾ معنى يكذبون، كقوله: ﴿فَظَلَمُوا بِهَا﴾ (٢).
﴿وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (١٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ أي: جعلنا لكم فيها مكانًا وقرارًا ومَلَّكْناكم فيها وأقدرناكم على التصرف فيها.
وقوله: ﴿وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ﴾ (معايش) جمع معيشة، والياء أصلية متحركة في التقدير بإزاء الذال من معذرة، وأصلها مَعْيِشَةٌ بوزن مَفْعِلَةٌ، فإذا
(٢) الآية (١٠٣) من هذه السورة.