له، أي: أمهله وطوَّل له. والمعنى: أطيل لهم المدة وأؤخرهم مَلاوةً من الدهر (١).
وقوله: ﴿إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾ أي: شديد قوي، وأصله من المتن وهو اللحم الغليظ الذي عن جانب الصلب، وهما متنان.
قيل: وسماه كيدًا؛ لأنه شبيه بالكيد من حيث إنه في الظاهر إحسان، وفي الحقيقة خذلان (٢).
والجمهور على كسر إن على الاستئناف، وقرئ: بالفتح (٣) على تقدير: لأن كيدي متين.
﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (١٨٤)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ﴾ (ما) تحتمل أن تكون نافية على أن الكلام قد تم عند قوله: ﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا﴾، وفي الكلام حذفٌ تقديره: أو لم يتفكروا في قولهم وفيما يصدر منهم: شاعر مجنون، أو فيما أتاهم به محمد - ﷺ -، ثم ابتدأ فقال: ﴿مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ﴾ أي: من جنون.
والجِنّة: الجنون، والاسم والمصدر على صورة واحدة، و ﴿مِنْ﴾ مزيدة، أي جِنَّةٌ.
وأن تكون استفهامية بمعنى أو لم يتفكروا أي شيء بصاحبهم من الجنون مع انتظام أقواله وأفعاله؟
(٢) الكشاف ٢/ ١٠٦.
(٣) رواية عبد الحميد عن ابن عامر. انظر المحرر الوجيز ٧/ ٢١٦. والبحر ٤/ ٤٣١. والدر المصون ٥/ ٥٢٥.