قوله عز وجل: ﴿لَمْ يَكُنْ﴾ في موضع الحال من ﴿إِبْلِيسَ﴾، أي: غير ساجد.
﴿قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (١٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ﴾ (ما) استفهام وفيه معنى التوبيخ؛ لأنه جل ذكره عالم بما منعه من السجود، وإنما وبخه على تركه ذلك، وموضعه رفع بالابتداء، وخبره ﴿مَنَعَكَ﴾.
و(أن) (١) في موضع نصب بمنعك، و (لا): صلةٌ، بشهادة قوله: ﴿مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ (٢) والتقدير: أي شيء منعك من أن تسجد؟ أي: من السجود، فلما حذف الجار تعدى الفعل فنصب.
قيل: وفائدة زيادة (لا) توكيد معنى الفعل الذي يدخل عليه وتحقيقه، كأنه قيل: ما منعك أن تحقق السجود وتلزمه نفسك إذ أمرتك؟ لأن أمري لك بالسجود أُوجبُهُ عليك إيجابًا وأحَتِّمُهُ حتمًا لا بدَّ لك منه (٣).
وقيل: (لا) ليست بصلة، والمنع بمعنى القول والدعاء، فكأنه قيل: من قال لك أَلّا تسجد؟ أو من دعاك إلى أَلا تجسد؟ (٤)
وقيل: المعنى ما ألجأك، أو ما أحوجك إلى أَلّا تسجد.
وقيل: في الكلام حذف، والتقدير: ما منعك السجود وأحوجك إلى أَلّا تسجد؟ (٥)

(١) المدغمة في (لا).
(٢) سورة ص، الآية: ٧٥.
(٣) الكشاف ٢/ ٥٤. وكون (لا) زائدة للتوكيد: هو قول الأخفش ٢/ ٣٢٢. والنحاس ٣/ ٣٢٢.
(٤) انظر جامع البيان ٨/ ١٢٩ - ١٣٠. والمحرر الوجيز ٧/ ١٨.
(٥) هذا قول الطبري ٨/ ١٣٠.


الصفحة التالية
Icon