و (عن) بمعنى الباء، والمفعول الثاني للسؤال محذوف تمديره: يسألونك كأنك حفي بها.
وقيل: كأنك حفي بالسؤال عنها تحبه وتؤثره، يعني أنك تكره السؤال عنها؟ لأنه من عِلْمِ الغيب الذي استأثر الله به، ولم يؤتِه أحدًا من خلقه (١).
وقيل: كأنك مسؤول عنها، فأقيم ﴿حَفِيٌّ﴾ مقام مسؤول (٢).
ومحل ﴿كَأَنَّكَ﴾ النصب على الحال من الكاف، قيل: وكرر ﴿يَسْأَلُونَكَ﴾ و ﴿إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ للتأكيد، ولما جاء به من زيادة قوله: ﴿كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ أنه العالم بها، وأنه المختص بالعلم بها (٣).
﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١٨٨)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾ (ما) في موضع نصب على الاستثناء، والاستثناء من الجنس.
وقوله: ﴿لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ من صلة البشير، ومعمول النذير محذوف تقديره: إن أنا إلَّا نذير للكافرين، وبشير لقوم يؤمنون، و ﴿إِنْ﴾ بمعنى: ما.
﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٨٩)﴾:

(١) قاله الزمخشري ٢/ ١٠٨.
(٢) يقرب منه قول ابن قتيبة، وابن الأنباري: كأنك مَعْني بطلب علمها. انظر زاد المسير ٣/ ٢٩٩ وفيه عن عكرمة: كأنك سؤول عنها. وهذا يقرب في الشكل من مسؤول، فالله أعلم إن كان في أحدهما تصحيف.
(٣) قاله الزمخشري ٢/ ١٠٨.


الصفحة التالية
Icon