وصلتها حرف الجر وما انجر به، كما تقول: كسوته الثوب الذي للبرد، أي: لدفع البرد، واللام على هذه القراءة متعلقة بمحذوف، وأما على قراءة الجمهور فمتعلقة بقوله: ﴿وَيُنَزِّلُ﴾؛ لأنها لام المفعول له، كالتي في قولك: زرتك لتكرمني، وأعطيتك لتشكرني.
وقوله: ﴿وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ﴾ يعني وسوسته وتخويفه إياهم من العطش وغيره. قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: وسوس الشيطان إلى المسلمين بأن المشركين قد غلبوهم على الماء، وأنهم لا يجدون ما يتطهرون به من الجنابة، ولا ما يتوضؤون به، ولا ما يشربون (١).
وقرئ: (رجس الشيطان) بالسين (٢)، قال ابن جني: كل شيء يُستقذَر عندهم فهو رجس، كالخنزير ونحوه (٣). فسمي ما يؤدي إلى العذاب رجسًا استقذارًا له.
﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (١٢)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿إِذْ يُوحِي﴾ يحتمل أن يكون بدلًا ثالثًا من ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ﴾ (٤)، وأن يكون معمول قوله: ﴿وَيُثَبِّتَ﴾ (٥) أي: ويثبت به الأقدام في ذلك الوقت، وأن يكون منصوبًا بإضمار اذكر.
وقوله: ﴿أَنِّي مَعَكُمْ﴾ الجمهور على فتح الهمزة، وأصله بأني، فحذف الجار وسلط عليه ﴿يُوحِي﴾، وقد ذكر نظيره في غير موضع.

(١) أخرجه الطبري ٩/ ١٩٥ - ١٩٦ بأطول من هذا.
(٢) قراءة شاذة نسبت إلى أبي العالية. انظر المحتسب ١/ ٢٧٥.
(٣) المحتسب الموضع السابق.
(٤) أول الآية (٧).
(٥) من الآية التي قبلها.


الصفحة التالية
Icon