﴿ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ (١٤)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿ذَلِكُمْ﴾ محل ذلكم: الرفع بالابتداء، والخبر محذوف، أي: ذلكم حكم الله أو عقابه، أو بالعكس، أي: الأمر أو الحكم ذلكم، أو النصب بفعل مضمر يفسره هذا الظاهر، كقولك: زيدًا فاضربه.
وقوله: ﴿وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ﴾ الجمهور على فتح الهمزة عطفًا على ﴿ذَلِكُمْ﴾ على كلا التقديرين: الرفع والنصب. وقرئ بالكسر (١) على الاستئناف.
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (١٥)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا﴾ (زحفًا) حال إما من ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾، أو من المؤمنين، أو منهما جميعًا، أي: إذا لقيتموهم متزاحفين هم وأنتم، أي: متدانين، والتزاحف: التداني.
والزحف: الجيش الدهم الذي يُرى لكثرته كأنه يزحف، أي: يدب دبيبًا، من زحف الصبي، إذا دَبَّ على استه قليلًا قليلًا قبل أن يمشي، والجمع زحوف، وهو في الأصل مصدر (٢).
وقيل: هو مصدر للحال المحذوفة (٣)، كأنه قيل: إذا لقيتم الذين كفروا تزحفون زحفًا، ثم حذفت الحال لدلالة (زحفًا) عليها. والوجه ما ذكرت لسلامته من هذا التعسف.
﴿فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ﴾ الفاء جواب ﴿إِذَا﴾، والأدبار: مفعول ثانٍ لـ ﴿تُوَلُّوهُمُ﴾، وواحد الأدبار: دبُر، بضم الباء، وإسكانها جائز تخفيفًا.
{وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٦) فَلَمْ
(٢) انظر هذا الكلام في الكشاف ٢/ ١١٨.
(٣) قاله العكبري ٢/ ٦٢٠.