لنفسك ومعناه للمخاطب، وكذا هنا، كأنه قيل: لا تدخلوا في الفتنة، فإنه من يدخل فيها تحل به عقوبة عامة.
وأن يكون مستأنفًا على أنه جواب قسم محذوف، أي: والله لا تصيبن الظالمين خاصة ولكنها تعمكم، تعضده قراءة من قرأ: (لَتُصِيْبَنِّ) (١) على جواب القسم المحذوف، وفي هذه القراءة وجهان:
أحدهما: يراد لا تصيبن، ثم حذفت الألف من (لا) تخفيفًا واكتفاء بالفتحة منها كما حذفت من (ما) في نحو قولهم: أمَ والله لأفعلن كذا، وهي أخت لا، وكما حذفوها من نحو: يابَتَ على قول من قال: إن أصله يا أبتا، فتكون القراءتان بمعنى، وإن اختلف اللفظان.
والثاني: أن تكون ضد قراءة الجمهور من جهة المعنى، كأنه قيل: واتقوا فتنة إنما تصيب الظالمين خاصة.
وأن يكون جوابًا للأمر، وهو قول الفراء (٢)، بمعنى: إن أصابتكم لم تصب الظالمين خاصة بل تعم، فهو محمول على المعنى دون اللفظ، وجاز دخول النون المؤكدة في جواب الأمر لما فيه من معنى النهي، كما تقول: انزلْ عن الدابة لا تطرحْكَ، وإن شئت أكدت فقلت: لا تطرحنَّك، فهذا جواب الأمر بلفظ النهي، ولولا معنى النهي لما ساغ دخول النون المؤكدة؛ لأن جواب الأمر مجزوم على جواب شرط محذوف، وجواب الشرط متردد فلا يليق به التأكيد.
و﴿خَاصَّةً﴾: نصب على الحال بمعنى: لا تصيبنهم في حالٍ تَخُصُّهم دون غيرهم. و (مِن) في قوله: ﴿مِنْكُمْ﴾ للتبيين.
(٢) انظر معاني الفراء ١/ ٤٠٧.