فاعل بقوله: ﴿لِيَهْلِكَ﴾ وهو الوجه، وأن يكون في موضع نصب على أنه مفعول به، وفاعل الفعل هو الله سبحانه، أي: ليهلك الله من هلك.
وهلك: فعل لازم عند أكثر العرب، ومتعد عند تميم. قال أبو عبيد: تميم تقول: هَلَكَهُ يَهْلِكُهُ هَلْكًا بمعنى: أَهْلَكَهُ (١).
وقوله: ﴿مَنْ هَلَكَ﴾ فيه وجهان:
أحدهما: الماضي هنا بمعنى المستقبل.
والثاني: على بابه، والمعنى: ليهلك، أو ليهلك الله بعذاب الآخرة من هلك، أو من هلكه الله في الدنيا منهم بالقتل.
وقوله: ﴿وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ﴾ (ويحيى) في موضع نصب بالعطف على ﴿لِيَهْلِكَ﴾.
وقرئ: (حَيَّ) بالإِدغام (٢)، وهو الأصل لاجتماع المثلين في كلمة، فهو مثل عدَّ وصدَّ، وذلك أن الياء لما لزمتها الحركة أشبهت الحروف الصحاح، ألا ترى أن من حذف الياء من نحو: جوارٍ في الرفع والجر لم يحذفها إذا تحركت بالفتح لمشابهتها بالحركة سائر الحروف الصحيحة، وأنشد عليه:
٢٥٠ - عَيُّوا بأَمْرِهِمُ كما | عَيَّتْ بِبَيضَتِها الحَمامَهْ (٣) |
(٢) هذه قراءة أبي عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وعاصم في رواية حفص، وابن كثير في رواية قنبل كما سأخرج.
(٣) قائله عبيد بن الأبرص، وهو من شواهد سيبويه ٤/ ٣٩٦. وعيون الأخبار ٢/ ٨٥. والمقتضب ١/ ١٨٢. والمنصف ٢/ ١٩١. والصحاح (عيي). والمحرر الوجيز ٨/ ٧٧. والتبيان ٢/ ٦٢٥. وابن يعيش ١٠/ ١١٥.
(٤) يعني بياءين: الأولى مكسورة، والثانية مفتوحة، وهي من المتواتر أيضًا، قرأها المدنيان أبو جعفر ونافع، ويعقوب، وخلف، وعاصم في رواية أبي بكر، وابن كثير في روايتي البزي وشبل. انظر فيها وفي التي قبلها: السبعة ٣٠٦ - ٣٠٧. والحجة ٤/ ١٢٩ - ١٣٠. والتذكرة ٢/ ٣٥٣. والنشر ٢/ ٢٧٦.