﴿وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٤٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ﴾ أي: واذكر (إذ زين).
وقوله: ﴿لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ﴾ (غالب) مبني مع لا في محل الرفع بالابتداء، وخبره ﴿لَكُمُ﴾، أي: لا غالب كائن لكم. و ﴿الْيَوْمَ﴾ من صلة الخبر ومعمول له، وكذلك ﴿مِنَ النَّاسِ﴾.
ولك أن تجعل ﴿مِنَ النَّاسِ﴾ حالًا من الذكر الذي في ﴿لَكُمُ﴾، ولا يجوز أن يكون ﴿لَكُمُ﴾ من صلة: ﴿غَالِبَ﴾، ولا ﴿مِنَ النَّاسِ﴾، ولا حالًا من الذكر الذي في ﴿غَالِبَ﴾؛ لأن اسم لا إذا عمل فيما بعده لا يجوز بناؤه.
قيل: فإن قيل: هلَّا قيل: لا غالبًا لكم بالنصب والتنوين، كما يقال: لا ضاربًا زيدًا عندك، فالجواب: أن ﴿لَكُمُ﴾ لو كان مفعولًا لـ ﴿غَالِبَ﴾ بمعنى: لا غالبًا إياكم، لكان الأمر كما زعمت، ولكنه خبره كما بُيِّن (١).
وقوله: ﴿وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ﴾ (جار) يجمع في القلة: على أجوار وجِيرةٍ، وفي الكثرة: على جيرانٍ، وألفه منقلبة عن واو، بشهادة قولك: جاورته مجاورة وجِوارا أوجُوارًا، ، والكسر أشيع، وتجاور القوم واجتوروا بمعنى.
وقوله: ﴿نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ﴾: يحتمل أن يكون من صلة ﴿نَكَصَ﴾، وأن يكون حالًا من المستكن فيه.
والنكوص: الإِحجام عن الشيء، يقال: نكص على عقبيه ينكُص