﴿قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ (١٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا﴾ الضمير في ﴿مِنْهَا﴾ للجنة، عن الكلبي (١). و ﴿مَذْءُومًا مَدْحُورًا﴾ حالان من المستكن في ﴿اخْرُجْ﴾. ولك أن تجعل ﴿مَدْحُورً﴾ حالًا من المستكن في ﴿مَذْءُومًا﴾ على قول من لم يجوز حالين من ذي حال واحد.
والجمهور على همز قوله: (مذءومًا)، وهو مِن ذَأَمْتُ فلانًا أَذْأَمُهُ ذَأْمًا، إذا عبته وذممته، فهو مذؤوم، وقرئ: (مَذُوما) بالواو من غير همز (٢) على التخفيف القياسي، كمسول في مسؤول، هذا هو الوجه.
ويجوز أن يكون مِن ذِمْتُهُ أَذِيمُهُ ذَيْمًا، إذا عبته أيضًا، فهو مذيم على النقص، فأبدلت الياء واوًا، كما أبدلت في مكيل ومهيب، حيث قالوا: مكول ومهوب ومذءوم على التمام، ذكره الجوهري (٣)، ثم حذفت العين بعد أن نقلت حركتها على الفاء لالتقاء الساكنين فقيل: مذوم، فوزنه على الوجه الأولى وهو النقص: مفعل، وعلى الثاني: مفول.
ويحتمل أن يكون المحذوف لالتقاء الساكنين هو واو مفعول على وجه التمام أيضًا، وتكون الواو مبدلة من الياء، كما أبدلت من موسر وموقن؛ لأن الياء الساكنة لا تستقر بعد الضمة، فوزنه أيضًا مفعل كالوجه الأول، وهو أحسن وأمتن لموافقة مذهب صاحب الكتاب، لأن المحذوف عنده في نحو هذا واو مفعول، وعند أبي الحسن عين الفعل، وفيه كلام لا يليق ذكره هنا.
والمدحور: المبعد، وأصل الدحر: الدفع بهوان، يقال: دحره يدحره دحرًا ودحورًا، إذا طرده وأبعده.
(٢) قراءة شاذة نسبت إلى الأعمش كما في معاني النحاس ٣/ ١٩. وإلى الزهري كما في المحتسب ١/ ٢٤٣. وأضافها ابن عطية ٧/ ٢٤ إلى أبي جعفر معهما.
(٣) الصحاح (ذمم) وحكاه عن الأخفش. وانظر معاني الأخفش ١/ ٣٢٢ حيث ذكر فيه وجهًا ثالثًا هو كونه من الذم، ذممته فهو مذموم.