وقوله: ﴿ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ﴾ أي: ثم هم ينقضون عهدهم، عطف جملة على جملة.
﴿فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (٥٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ﴾ أي: فإما تصادفنهم وتظفرن بهم، يقال: ثَقِفْتُهُ بالكسر أَثْقَفُهُ ثَقْفًا، إذا صادفته وظفرت به.
وقال الشاعر:

٢٥٢ - فإمّا تَثْقَفُوني فاقتُلُوني فإنْ أَثْقَفْ فسوفَ تَرَوْنَ بالِي (١)
وقوله: ﴿فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ﴾ أي: فَطَرِّدْ (٢) بهم من خلفهم، أي: افعل بهم فعلًا من القتل تفرق به مَن وراءهم من الكفرة.
والتشريد: التفريق. والشريد: الطريد، فعيل بمعنى مفعول.
وقرئ: (فشرذ) بالذال المعجمة (٣) قال أبو الفتح: لم يمر بنا في اللغة تركيب (ش ر ذ)، ثم قال: وأَوْجَهُ ما يُصرَف إليه ذلك أن تكون الذال بدلًا من الدال لكونهما متقاربين مجهورين، كما قالوا: خردلت اللحم وخرذلته، بالدال والذال جميعًا، إذا قطعته صغارًا (٤).
وقيل: هو مقلوب من قولهم: تفرقوا شذر مذر، إذا ذهبوا في كل وجه، ومنه: الشذْر، وهو ما يلقط من المعدن من الذهب لتفرقه (٥).
﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (٥٨)﴾:
(١) تقدم هذا الشاهد برقم (٩٣).
(٢) كذا أيضًا في المحرر الوجيز ٨/ ٩٤. وصحفت في المطبوع إلى (ففرق).
(٣) قراءة شاذة نسبت إلى الأعمش، وابن مسعود - رضي الله عنه -. انظر المحتسب ١/ ٢٨٠. والكشاف ٢/ ١٣٢. والمحرر الوجيز ٨/ ٩٥.
(٤) المحتسب ١/ ٢٨٠ ببعض التصرف.
(٥) قاله الزمخشري ٢/ ١٣٢.


الصفحة التالية
Icon