قوله عز وجل: ﴿فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ﴾ المفعول محذوف، و ﴿عَلَى سَوَاءٍ﴾ حال إما من النابذ دون المنجوذ إليهم، بمعنى: فاطرح إليهم العهد ثابتًا على عدل، وهو أن تخبر القوم بما عزمت عليه من الحرب ونقض العهد وغير ذلك، أو منهما جميعًا بمعنى: ثابتين على استواء في العلم في نقض العهد على ما فسر (١).
وقيل: على استواء في العداوة (٢).
﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ (٥٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ (٥٩)﴾ قرئ: (ولا تحسبن) بالتاء النقط من فوقه (٣) على أن الفعل للمستكن فيه على وجه الخطاب، و ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ مفعول أول، و ﴿سَبَقُوا﴾ ثان.
وقرئ: بالياء النقط من تحته (٤)، والفعل أيضًا للمستكن فيه على وجه الغيبة، وكلاهما للنبي - ﷺ - أو لكل مخاطب وحاسب، ومفعولا الحسبان: المذكوران أيضًا آنفًا، أو للذين كفروا، والمفعول الأول على هذا محذوف، أي: ولا يحسبن الذين كفروا أنفسهم سبقوا، وقد جوز أن يكون في الكلام حذف (أن) تقديره: (أن سبقوا) على أنها مخففة من الثقيلة بمعنى أنهم، ثم حذفت تعضده قراءة من قرأ: (أنهم سبقوا) وهو ابن مسعود - رضي الله عنه - (٥)، فإذا حملته على هذا الوجه سد أن مسد المفعولين، كما سد في قوله عز وجل: ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا﴾ (٦) مسدهما على المذهب المنصور.

(١) انظر الطبري ١٠/ ٢٧. ومعاني النحاس ٣/ ١٦٥. والكشاف ٢/ ١٣٢.
(٢) هذا قول الزجاج ٢/ ٤٢٠. وفيه معانٍ أخر انظرها في النكت والعيون ٢/ ٣٢٨. وزاد المسير ٣/ ٣٧٣.
(٣) أكثر العشرة على هذه القراءة كما سيأتي.
(٤) قرأها أبو جعفر، وابن عامر، وحمزة، وحفص عن عاصم. وقرأ الباقون بالأولى. انظر السبعة/ ٣٠٧/. والحجة ٤/ ١٥٤ - ١٥٥. والمبسوط/ ٢٢١/. والتذكرة ٢/ ٣٥٣.
(٥) انظر قراءته - رضي الله عنه - في معاني الفراء ١/ ٤١٤. وإعراب النحاس ١/ ٦٨٣. والكشاف ٢/ ١٣٢.
(٦) سورة العنكبوت، الآية: ٢.


الصفحة التالية
Icon