لأن عطف الظاهر المجرور على المكنى ممتنع إلا بإعادة العامل (١).
﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (٦٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ﴾ كان هنا تحتمل أن تكون التامة، و ﴿عِشْرُونَ﴾ فاعله، وأن تكون الناقصة و ﴿عِشْرُونَ﴾ اسمها و ﴿مِنْكُمْ﴾ خبرها، و ﴿مِنْكُمْ﴾ على الأول يحتمل أن يكون من صلة ﴿يَكُنْ﴾، وأن يكون حالًا على تقدير تقديمه على الموصوف وهو ﴿عِشْرُونَ﴾، وكذلك القول فيما بعدها من نظائرها.
قيل: وكسرت العين من عِشرين حملًا على الهمزة من اثنين؛ لأن عشرين من عشرة بمنزلة اثنين من واحد، فكسرت العين من عشرين، كما كسرت الهمزة من اثنين، كما حملت ستون وتسعون على ستة وتسعة (٢).
والجمهور على الياء النقط من تحته في قوله: ﴿إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ﴾ لأن المسند إليه مذكر، وقرئ: بالتاء النقط من فوقه (٣) على تأويل الفرقة، أو الجياعة، كأنه قيل: إن تكن منكم فرقة أو جماعة صابرة عددها عشرون.
﴿الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (٦٦)﴾:

(١) انظر الكشاف ٢/ ١٣٣. والتبيان ٢/ ٦٣١. وجوز ابن عطية أن تكون (من) في موضع جر على تقدير حذف مضاف، كأنه قال: حسبك الله وحسب من.. انظر المحرر الوجيز ٨/ ١٠٧.
(٢) كذا في معاني الزجاج ٢/ ٤٢٤ عن أهل اللغة. وحكاه النحاس ١/ ٦٨٦ عن سيبويه.
(٣) قراءة شاذة في هذا الموضع، ونسبت إلى الأعرج. انظر البحر ٤/ ٥١٧. والدر ٥/ ٦٣٦.


الصفحة التالية
Icon