وقرئ: (ورسولَه) بالنصب (١) عطفًا على اسم إنّ، أو على جعل الواو بمعنى مع، أي: بريء معه منهم.
وقرئ: بالجر (٢) على القسم، وقيل: على الجوار، وليس بشيء لأجل العاطف، ولا يجوز أن يكون معطوفًا على ﴿الْمُشْرِكِينَ﴾ لأجل فساد المعنى، ونعوذ بالله من إعراب يؤدي إلى فساد المعنى.
وحُكيَ أن أعرابيًّا سمع قارئًا يقرأ بالجر، فقال: إن كان الله بريئًا من رسوله فأنا منه بريء، فحملا إلى عمر - رضي الله عنه -، فحكى الأعرابي قراءته، فعندها أمر عمر - رضي الله عنه - بتعليم العربية (٣).
﴿إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ﴾ (الذين) في محل النصب على الاستثناء من المشركين المعاهدين الناقضين للعهود في قوله: ﴿لَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾، عن أبي إسحاق (٤).
وقيل: المعنى اقتلوا المشركين إلّا الذين عاهدتم، عن الحسن (٥).
وقيل: هو مستثنى من قوله: ﴿فَسِيحُوا﴾، أي: فقولوا لهم: سيحوا إلَّا
(٢) كذا حكاها الزمخشري ٢/ ١٣٩ أيضًا. ونسبها أبو حيان ٥/ ٦. والسمين ٦/ ٨ إلى الحسن.
(٣) انظر هذه الحكاية في الكشاف ٢/ ١٣٩. وحكيت أيضًا عن علي - رضي الله عنه -، وأبي الأسود الدؤلي. وقال ابن عطية ٨/ ١٣٢: وبهذه الآية امتحن معاوية - رضي الله عنه - أبا الأسود حتى وضع النحو، إذ جعل قارئًا يقرأ بخفض (ورسوله).
(٤) انظر معانيه ٢/ ٤٣٠. وحكاه عنه ابن الجوزي ٣/ ٣٩٧. والرازي ١٥/ ١٧٨.
(٥) ذكر أبو حيان هذا الوجه دون أن ينسبه، انظر البحر المحيط ٥/ ٨. والدر المصون ٦/ ٩.