كأنه قيل: ولما يعلم الله المجاهدين منكم والمخلصين غير المتخذين وليجة من دون الله (١).
والوليجة: الدخيلة على القوم من غيرهم، وكل شيء أدخلته في شيء وليس منه فهو وليجة، فعيلة من ولَج، كالدخيلة من دخل، ووليجة الرَّجل: خاصته وبطانته الذي يداخله بالمودة.
﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (١٧) إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (١٨)﴾:
قوله عز وجل: (ما كان للمشركين أن يعمروا مسجد الله) (٢) يعني المسجد الحرام، يعضده ما تأخر من قوله تعالى: ﴿وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ (٣).
وقرئ: بالجمع (٤)، وفيه وجهان:
أحدهما: المراد به المسجد الحرام، وإنما جمع لأنه قبلة المساجد كلها وإمامها، ولأن كل بقعة منه مسجد.
والثاني: أن المراد هو وغيره لمنع المشركين من عمارة المسجد الحرام وغيره، ويعضده: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ﴾.
و﴿شَاهِدِينَ﴾: حال من الضمير في ﴿يَعْمُرُ﴾، و ﴿عَلَى﴾، والباء من صلة ﴿شَاهِدِينَ﴾.
(٢) هكذا بالتوحيد، وهي قراءة صحيحة، قرأها ابن كثير، والبصريان. انظر تخريج القراءة التالية.
(٣) من الآية (١٩).
(٤) هذه قراءة الباقين من العشرة. انظرها مع القراءة السابقة في السبعة/٣١٣/. والحجة ٤/ ١٧٨ - ١٧٩. والمبسوط/ ٢٢٦/. والتذكرة ٢/ ٣٥٦.