وقوله: ﴿وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ﴾ أي: وهم خالدون في النار، ففصل بالظرف بين العاطف والمعطوف.
﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ السقاية والعمارة مصدران من سقى وَعَمَرَ، كالهداية والقصارة من هَدى وقصر.
وصحت الياء من السقاية لإِتوة تاء التأنيث بعدها مع بناء الكلمة (١)، وفي الكلام حذف مضاف تقديره: أجعلتم أهل سقَاية الحاج، وأصحاب عمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله، تعضده قراءة من قرأ: (سُقاةَ الحاجِّ وعَمَرَةَ المسجد الحرام) وهم: ابن الزبير، وأبو وجزة السعدي، وابن القعقاع (٢)، أما سُقاة: فجمع ساقٍ، كقاضٍ وقضاة، وأما عَمَرة: فجمع عامر، كحارس وحَرَسَةٍ.
ولك أن تقدر حذف المضاف من قوله: ﴿كَمَنْ آمَنَ﴾: كإيمان من آمن، فلا بد من مضاف محذوف إمّا من أوله أو من آخره، ليكون الأول هو الثاني في المعنى؛ لأنه في الأصل مبتدأ وخبر، والجوهر لا يكون خبرًا عن الحدث.
وقرئ أيضًا: (سُقاية الحاج وعمرة المسجد الحرام) بضم السين (٣)،
(٢) وهي قراءة أبي بن كعب - رضي الله عنه - ومحمد بن علي أيضًا. انظر إعراب النحاس ٢/ ٩. والمحتسب ١/ ٢٨٥. ومعالم التنزيل ٢/ ٢٧٦. والكشاف ٢/ ١٤٤. والمحرر الوجيز ٨/ ١٤٨. وقد تقدمت ترجمة أبي جعفر بن القعقاع، وأما أبو وجزة السعدي فهو: يزيد بن عبيد المدني، وردت عنه الرواية في حروف القرآن، وقال ابن قتيبة: كان شاعرًا مجيدًا مكثرًا. توفي سنة ثلاثين ومائة. (غاية النهاية).
(٣) شاذة أيضًا، نسبت إلى الضحاك كما في المحتسب ١/ ٢٨٥. وأضافها ابن عطية ٨/ ١٤٩ إلى أبي وجزه وأبي جعفر أيضًا.