قراءة عبد الله - رضي الله عنه - (أُوْرِيَ) (١) بالقلب نظرًا إلى اللفظ واعتدادًا بالعارض.
وقرئ: (من سوءتهما) بالتوحيد (٢)، وفيه وجهان:
أحدهما: على معنى سوءة كل واحد منهما، كقوله: ﴿فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾ (٣)، أي: كل واحد منهم.
والثاني: أن السوءة في الأصل فَعْلَةٌ من ساء يسوء، كالضربة والقتلة، فأتاها التوحيد من قِبَلِ المصدرية التي فيها.
وقرئ: (من سوَّاتهما) بتشديد الواو (٤)، على إبدال الهمزة واوًا وإدغام الواو فيها إجراء للأصلي مجرى الزائد، وهي لغية حكاها صاحب الكتاب رحمه الله (٥).
وقوله: ﴿إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ﴾ أن: في موضع نصب على المفعول من أجله، أي: إلّا كراهة أن تكونا.
وقرئ: (ملِكين) بكسر اللام (٦)، لقوله: ﴿وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى﴾ (٧). والجمهور على فتحها، والمعنى مفهوم.
(٢) كذا ذكرت هذه القراءة في الكشاف ١/ ٥٧. والتبيان ١/ ٥٦٠. ونسبها ابن جني ١/ ٢٤٣ إلى مجاهد، وذكرها النحاس في إعرابه ١/ ٦٠٥ لكن في الكلمة التي في الآية (٢٢) بعدها ونسبها إلى الحسن. وهي ملتبسة في أكثر كتب الإعراب بقراءة: (سوَّتهما) بالإفراد وإبدال الهمزة واوًا، وإدغام الواو فيها، وهذه منسوبة أيضًا إلى الحسن، ومجاهد.
(٣) سورة النور، الآية: ٤.
(٤) شاذة أيضًا، ونسبت إلى الحسن، وأبي جعفر، وشيبة، والزهري. انظر المحتسب ١/ ٢٤٣. والمحرر الوجيز ٧/ ٣٠.
(٥) كذا أيضًا عن سيبويه في المصدرين السابقين.
(٦) نسبها الطبري ٨/ ١٤٠ إلى ابن عباس - رضي الله عنهما -، ويحيى بن أبي كثير. وأضافها النحاس في الإعراب ١/ ٦٠٣ - ٦٠٤ إلى الضحاك أيضًا. وهي إلى الثلاثة في المحرر الوجيز ٧/ ٣١.
(٧) سورة طه، الآية: ١٢٠. ولقد رد النحاس هذا الاحتجاح بالآية، وتأولها بمعنى المقام في ملك الجنة، والخلود فيه. وأنكرها غيره وقال: لم يكن قبل آدم عليه السلام ملك.