وقرئ: (النسْيُ) بسكون السين وياء مخففة بعدها بوزن النهي (١)، وهو تخفيف النسيء أيضًا غير أنه قصر بحذف يائه، ثم أسكن عينه، فبقي نَسْي كما ترى، ونظيره مما قصر من فعيل ثم أسكن بعد الحذف قولهم في سميح: سَمْحٌ، وفي رطيب رطْبٌ، ومما قصر ولم يسكن قولهم في لبيق: لَبِق. وفي سميح: سمِح.
وقوله: (يَضِلُّ) ﴿بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ خبر بعد خبر للنسيء.
وقرئ: (يَضِل) بفتح الياء وكسر الضاد على البناء للفاعل وهو ﴿الَّذِينَ﴾، وبضم الياء وفتح الضاد على البناء للمفعول (٢) على معنى: أن كبراءهم يضلونهم بأمرهم إياهم بحملهم على هذا التأخير في الشهور.
وبضم الياء وكسر الضاد على البناء للفاعل (٣) وهو ﴿الَّذِينَ﴾، والمفعول به محذوف، أي: يضل به الذينِ كفروا أتباعهم، أو الله تعالى، أو كبراؤهم، أو الشيطان، والمفعول به ﴿الَّذِينَ﴾.
وبفتح الياء والضاد (٤)، وهي لغة، أعني ضلِلت أَضَلُّ، واللغة الفصحى ضلَلتُ أضِل بفتح عين الفعل في الماضي، فمن فتحها في الماضي كسر الضاد في المضارع، ومن كسرها في الماضي فتح الضاد في المضارع، وفاعله ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أيضًا، والضمير في ﴿بِهِ﴾ للنسيء.
وقوله: ﴿يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ﴾ يحتمل أن يكون تفسيرًا للضلال، فلا يكون له محل من الإِعراب، وأن يكون حالًا من ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾.
(٢) يعني (يُضَلّ)، وهي قراءة الكوفيين الأربعة، وقرأ الباقون بالأولى. انظر السبعة/ ٣١٤/. والحجة ٤/ ١٩٤. والمبسوط/ ٢٢٦/.
(٣) يعني (يُضِلّ) وبها قرأ يعقوب، واليزيدي عن أبي عمرو. انظر المبسوط/ ٢٢٧/. والتذكرة ٢/ ٣٥٨. والنشر ٢/ ٢٧٩.
(٤) (يَضَل). شاذة نسبت إلى أبي رجاء. انظر المحتسب ١/ ٢٨٨. والمحرر الوجيز ٨/ ١٨١.