قوله عز وجل: ﴿لِمَ﴾ من صلة ﴿أَذِنْتَ﴾ لا من صلة ﴿عَفَا﴾، كما زعم بعضهم؛ لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله.
وقوله: ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا﴾ (حتى) من صلة محذوف دل عليه ﴿لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ﴾ تقديره: هلّا استأنيت (١) بالإِذن إلى أن يتبين لك مَن صدق في عذره ممن كذب فيه، لا من صلة ﴿أَذِنْتَ﴾، كما زعم بعضهم؛ لأن ذلك يوجب أن يكون أذن لهم إلى هذه الغاية أو لأجل التبين، وكلاهما يمنع العتاب.
﴿لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (٤٤) إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (٤٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَنْ يُجَاهِدُوا﴾ محل أن وما اتصل به النصب لعدم الجار. وهو في، أو الجر على إرادته، وقيل: هو مفعول له، أي: كراهة أن يجاهدوا (٢).
﴿وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (٤٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً﴾ العدة بالضم: الاستعداد، يقال: كونوا على عُدّةٍ. والعدّة أيضًا: ما أعددته لحوادث الدهر من المال والسلاح وغيرهما، يقال: أخذ للأمر عُدّتَهُ وعَتاده بمعنىً، وهذه قراءة الجمهور أعني (عُدَّةً) بتاء التأنيث من غير إضافة.
وقرئ: (عُدَّهُ) بحذف تاء التأنيث، مع هاء الضمير على الإِضافة (٣)،

(١) في (ط): تأنيت. وكلاهما وارد بمعنى انتظرت. انظر الصحاح (أنا).
(٢) انظر إعراب النحاس ٢/ ٧١. ومشكل مكي ١/ ٣٦٤. والكشاف ٢/ ١٥٤.
(٣) قراءة شاذة نسبت إلى محمد بن عبد الملك بن مروان. انظر المحتسب ١/ ٢٩٢. والمحرر الوجيز ٨/ ١٩٤.


الصفحة التالية
Icon