قوله عز وجل: ﴿إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ﴾ (إحدى) في موضع نصب؛ لأنها مفعول ﴿تَرَبَّصُونَ﴾.
وقوله: ﴿أَنْ يُصِيبَكُمُ﴾ في موضع نصب على أنها مفعول ﴿نَتَرَبَّصُ﴾، و ﴿بِكُمْ﴾ من صلته، قيل: والمعنى: هل تربصون بنا إلَّا إحدى العاقبتين اللتين كلُّ واحدة منهما هي حسنى العواقب، وهما: النصرة والشهادة، ونحن نتربص بكم إحدى السوأتين من العواقب إما ﴿أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ﴾، وهو قارعة من السماء، كما نزلت على عاد وثمود، أو بعذاب ﴿بِأَيْدِينَا﴾، وهو القتل بإذنه (١).
والحُسْنى والسُّوءى كلتاهما لم تستعمل إلَّا بالألف واللام، أو الإِضافة لأنها منقولة من أفعل (٢) من كذا، ويجمع على فُعَل، ككبرى والكُبَر.
﴿قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ (٥٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا﴾ مصدران في موضع الحال من الضمير في ﴿أَنْفِقُوا﴾ أي: طائعين أو مكرهين، وأنفقوا معناه: التهديد والوعيد، كقوله: ﴿اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ﴾ (٣) وهو على بابه، وقيل: لفظه لفظ الأمر ومعناه الخبر (٤)، كقوله: ﴿فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ﴾ (٥)، وعكسه: رحم الله زيدًا وغفر له.
وقيل: معناه معنى الشرط والجزاء (٦)، أي: إن أنفقتم، وهذا قريب من هذا؛ لأن معناه الخبر الذي تدخل فيه إن التي للجزاء.
(٢) في الأصل: (فعل).
(٣) سورة فصلت، الآية: ٤٠.
(٤) قاله الزمخشري ٢/ ١٥٦.
(٥) سورة مريم، الآية: ٧٥.
(٦) قاله الزجاج ٢/ ٤٥٣. والنحاس في إعرابه ٢/ ٢٤.