﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (٦٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ﴾، قال أبو إسحاق: (يحذر) لفظه لفظ الخبر ومعناه الأمر. أي: ليحذرِ المنافقون (١). ودل على ذلك ما في الكلام من معنى التهدد.
و(أن) في موضع نصب بقوله: ﴿يَحْذَرُ﴾ على قول صاحب الكتاب؛ لأنه يعدِّيه بنفسه فيقول: حذرت فلانًا أحذره حذرًا، وأنشد:
٢٦٧ - حَذِرٌ أُمورًا لا تُخافُ وآمِنٌ..................... (٢)
ومَن عَدَّاه بحرف الجر وهو (مِن)، أي: من ﴿أَنْ تُنَزَّلَ﴾، فيكون في موضع نصب لعدم الجار، أو جر على إرادته على الخلاف المشهور المذكور في غير موضع.
والضمير في ﴿عَلَيْهِمْ﴾ و ﴿تُنَبِّئُهُمْ﴾ للمؤمنين، وفي ﴿قُلُوبِهِمْ﴾ للمنافقين، وقد جوز أن تكون الضمائر للمنافقين؛ لأن السورة إذا نزلت في معناهم فهي نازلة عليهم (٣).
والمنوي في ﴿تُنَبِّئُهُمْ﴾ للسورة، قيل: كأنها تقول لهم: في قلوبكم كيت وكيت، يعني أنها تذيع أسرارهم عليهم حتى يسمعوها مذاعةً منتشرةً، فكأنها
(٢) وعجزه:
...................... ما ليس منجيه من الأقدار
وهو منسوب لأبي يحيى اللاحقي، وروى النحاس عن المازني أن الشاعر صنعه لسيبويه. وانظره في الكتاب ١/ ١١٣. والمقتضب ٢/ ١١٦. وإعراب النحاس ٢/ ٣٠. والجمل/ ٩٣/.
وشرح ابن يعيش ٦/ ٧١.
(٣) الكشاف ٢/ ١٦٠. وحكاها الرازي ١٦/ ٩٧ عنه.