قوله عزَّ وجلَّ: ﴿دَعْوَاهُمْ فِيهَا﴾ (دعواهم) مبتدأ، أي: دعاؤهم، والعدوى: مصدر كالدعاء؛ لأنَّ ﴿اللَّهُمَّ﴾ نداء لله، و ﴿فِيهَا﴾ متعلق به.
وانتصاب ﴿سُبْحَانَكَ﴾ على المصدر وهو تفسير دعائهم، والمعنى: يدعون الله بقولهم: ﴿سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ﴾، وهو الخبر، أعني ﴿سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ﴾، أي: اللهم إنَّا نسبحك، أي: دعواهم هذا القول.
وقوله: ﴿وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ﴾ ابتداء وخبر أيضًا، و ﴿فِيهَا﴾ من صلة التحية.
والمعنى: أن بعضهم يُحَيِّي بعضًا بالسلام، أي: وتحيةُ بعضهم بعضًا السلامُ (١).
وقيل: هي تحية الملائكة إيَّاهم، إضافة للمصدر إلى المفعول من غير أن يذكر معه الفاعل (٢).
وقيل: تحيةُ الله إياهم، أي: يحييهم الله بالسلام (٣).
وقوله: ﴿وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ﴾ مبتدأ أيضًا، والخبر ﴿أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾، و ﴿أَنِ﴾ هي المخففة من الثقيلة، والأصل أَنَّه الحمد لله، وبه قرأ بعض القراء، أعني بتشديد أَنَّ مع نصب الحمد (٤). والضمير ضمير الشأن والأمر، ونظيره قول الأعشى:
٢٧٥ - في فِتيةٍ كسيوفِ الهنْدِ قد عَلِمُوا | أنْ هالكٌ كُلُّ من يَحْفَى وينتَعِلُ (٥) |
(٢) هذا قول ابن عباس - رضي الله عنهما - كما في زاد المسير ٤/ ١١. وانظر الكشاف ٢/ ١٨٢.
(٣) جوزه أبو إسحاق ٣/ ٨. والنحاس ٣/ ٢٧٩.
(٤) هكذا (أَنَّ الحمدَ لله)، وهي قراءة شاذة نسبت إلى ابن محيصن، وبلال بن أبي بردة، ويعقوب. انظر إعراب النحاس ٢/ ٥٢. والمحتسب ١/ ٣٠٨. والمحرر ٩/ ١٥. ونسبت في زاد المسير ٤/ ١١ إلى آخرين.
(٥) تقدم هذا الشاهد برقم (١٨٨).