فوضع ﴿اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ﴾ وضع تعجيله لهم الخير إشعارًا بسرعة إجابته لهم، وإسعافه بطلبتهم، حتى كأن استعجالهم بالخير تعجيل [لهم بالخير تعجيل] (١) له.
والتعجيل: تقديم الشيء قبل وقته، والاستعجال: طلب العجلة.
وقيل: ﴿اسْتِعْجَالَهُمْ﴾ منصوب على تقدير حذف الجار، أي: كاستعجالهم، ثم حذف الجار فنصب، وليس بشيء، إذ لو جاز هذا لجاز زيد الأسد، بمعنى كالأسد، وزيد غلام عمرو، بمعنى كغلام عمرو، وهذا واضح لمن له قلب ويعرف العربية (٢).
وقوله: ﴿لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ﴾ أي: لفرغ من هلاكهم.
وقرأ ابن عامر: (لقَضى إليهم أجلَهم) بفتح القاف والضاد ونصب قوله: (أجلهم) (٣) على البناء للفاعل وهو الله تعالى لقوله: ﴿وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ﴾، ويعضده أيضًا قراءة من قرأ: (لقضينا إليهم أجلهم) وهو عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - (٤).
فإن قلت: لم عُدِّيَ قضى بإلي؟ قلت: قيل: لكونه أريد به معنى السرعة، كأنه قيل: لأسرع إليهم أجلهم (٥).
وقوله: ﴿فَنَذَرُ﴾ فيه وجهان:
أحدهما: على وجه الاستئناف، أي: فنحن نذر الذين.
(٢) كونه منصوبًا على تقدير حذف الجار هو قول الفراء ١/ ٤٥٨، ونسبه النحاس ٢/ ٥٢ إلى الأخفش أيضًا. وانظر هذا القول في مشكل مكي ١/ ٣٧٥. والتبيان ٢/ ٦٦٧.
(٣) انظر قراءة ابن عامر - وهي قراءة يعقوب أيضًا - في السبعة ٣٢٣ - ٣٢٤. والحجة ٤/ ٢٥٣. والمبسوط/ ٢٣٢/. والتذكرة ٢/ ٣٦٣.
(٤) انظر قراءة ابن مسعود - رضي الله عنه - في الكشاف ٢/ ١٨٣. ونسبها ابن عطية ٩/ ١٧ إلى الأعمش.
(٥) وقال ابن عطية ٩/ ١٧: تعدى (قضى) في هذه الآية بإلى لما كان بمعنى فرغ، وفرغ يتعدى بإلى ويتعدى باللام.