يقال: دريت الشيء ودريت به دريًا ودريةً، إذا علمته، وأدريته غيري، وأدريت به غيري، أي: أعلمته.
والمعنى: ولا أعلمكم الله بالقرآن على لساني ولا أطلعكم عليه.
والجمهور على إثبات الألف بعد اللام على نفي الإدراء والعطف على ﴿مَا تَلَوْتُهُ﴾، وقرأ ابن كثير بخلاف عن البَزِّي: (ولأدراكم به) بغير ألف بعدها (١) على إثبات الإدراء، على معنى: ولو شاء الله ما تلوته أنا عليكم، ولو شاء لأعلمكم به على لسان غيري، أو بلا واسطة، واللام جواب لو محذوفة.
وعن الحسن وغيره: (ولا أَدْرَأْتُكُمْ به) بهمزة ساكنة بعد الراء بعدها تاء مضمومة (٢) على أن الأصل: أدريتكم به، فقلبت الياء ألفًا لانفتاح ما قبلها وإن كانت ساكنة، كما قلبت في قول من قال: ياءَس في ييأس، ويابس في ييبس، فبقي (أدرأتكم).
وعن قطرب: أن عقيلًا يقولون في أعطيته وأرضيته: أعطاته وأرضاته، يقلبون الياء ألفًا (٣)، فلما صار أدريتكم إلى أدراتكم قلبت الألف همزة، كما قيل: لَبَّأتُ بالحجِّ ورثَّأتُ الميت، ومنه قولهم: البأرُ، والخأتم، والعألم ونحو ذلك مما هَمَزته العرب ولا أصل له في الهمز، وسبب ذلك أن الألف

(١) انظر رواية البزي عن ابن كثير في المبسوط/ ٢٣٢/. وحكاها ابن غلبون في التذكرة ٢/ ٣٦٣ من رواية قنبل عن ابن كثير، وانظر الروايتين في النشر ٢/ ٢٨٢. والبَزِّي هو أحمد بن محمد بن عبد الله البزي مقرئ مكة، ومؤذن المسجد الحرام، ومولى بني مخزوم، وهو أكبر من روى قراءة ابن كثير، كان إمامًا محققًا ضابطًا. توفي سنة خمسين ومائتين.
(٢) انظر قراءة الحسن رحمه الله في معاني الفراء ١/ ٤٥٩. وجامع البيان ١١/ ٩٦. وإعراب النحاس ٢/ ٥٣. والحجة ٤/ ٢٦٢. والمحتسب ١/ ٣٠٩. ونسبها ابن جني أيضًا إلى ابن عباس - رضي الله عنهما -، وابن سيرين.
(٣) انظر الرواية عن قطرب في المحتسب ١/ ٣١٠. وقال النحاس في إعرابه ٢/ ٥٤: هي لغة بني الحارث بن كعب.


الصفحة التالية
Icon