والهمزة من وادٍ واحد، ألا ترى أن الألف إذا مستها الحركةُ انقلبت همزة.
وقد جوز أن يكون من درأته، إذا دفعته، وأدرأته، إذا جعلته دارئًا، على معنى: ولا جعلتكم بتلاوته خصماء تدرؤونني بالجدال وتكذبونني.
وقوله: ﴿فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ﴾ (عمرًا) ظرف لِلَّبْثِ بمعنى: أقمت فيما بينكم مدة عمرٍ، أو مقدار عمر.
والدليل على أنه ظرف والمراد به الزمان: قول ابن عباس - رضي الله عنهما -: "أقمت فيكم أربعين سنة" (١). وإسكان ميمه جائز (٢).
وقوله: ﴿مِنْ قَبْلِهِ﴾ يعني من قبل القرآن، وقيل من قبل هذا الوقت، وقيل: من قبل نزوله.
قوله عز وجل: ﴿إِنَّهُ﴾، الضمير للشأن والحديث.
﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٨) وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١٩) وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (٢٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ﴾ (ما) موصولة في محل النصب بـ (يعبدون)، والمراد بها: الأصنام والأوثان التي عُبدت من دون الله.

(١) هذا تفسير قوله تعالى: ﴿فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ﴾. وهو قول ابن عباس - رضي الله عنهما - كما في زاد المسير ٤/ ١٥. وقول قتادة كما في جامع البيان ١١/ ٩٦. ومعاني النحاس ٣/ ٢٨٣. والنكت والعيون ٢/ ٤٢٧.
(٢) كذا أيضًا في معاني الزجاج ٣/ ١١. وهي قراءة نسبها صاحب زاد المسير ٤/ ١٥ إلى الحسن. والأعمش.


الصفحة التالية
Icon