أو هو منفعة الحياة الدنيا، أو خبر بعد خبر.
وقرأ حفص (١) عن عاصم: (متاعَ الحياة الدنيا) بالنصب (٢)، وفي نصبه أربعة أوجه:
أحدهما: في موضع المصدر المؤكد، كأنه قيل: تمتعون متاع الحياة الدنيا.
والثاني: منصوب على الظرف، وفي الكلام حذف، أي: مدة الحياة الدنيا.
والثالث: مفعول به وناصبه ﴿بَغْيُكُمْ﴾ على تأويل: إنما طلبكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا.
والرابع: مفعول له، أي: بغيكم على أنفسكم لأجل متاع الحياة الدنيا.
وخبر المبتدأ الذي هو ﴿بَغْيُكُمْ﴾ على الوجه الأول والثاني ﴿عَلَى أَنْفُسِكُمْ﴾؛ لأن ناصبهما مضمر وهو (تمتعون) المقدر المذكور، وعلى الثالث والرابع محذوف تقديره: مذموم أو مكروه، أو منهي عنه، وما أشبه ذلك، و ﴿عَلَى أَنْفُسِكُمْ﴾ من صلة البغي، وليس بخبر له على هذين الوجهين؛ لأن ﴿مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ داخل في صلة المصدر الذي هو البغي ومعمول له، فتفصل بين الصلة والموصول بالخبر، وذلك لا يجوز لأجل الفصل.
وقرئ: (متاعِ) بالجر (٣) على أنه نعت للأنفس، على تقدير: ذوات متاع الحياة الدنيا، أو متمتعات الحياة الدنيا، على جعله بمعنى اسم الفاعل،

(١) هو أبو عمر حفص بن سليمان الأسدي الكوفي، المقرئ الإمام صاحب عاصم وابن زوجته، كان في القراءة ثقة ثابتًا ضابطًا لها، بخلاف حاله في الحديث. أخذ القراءة عرضًا وتلقينًا عن عاصم. نزل بغداد، وجاور بمكة. توفي سنة ثمانين ومائة على الصحيح.
(٢) قرأها وحده من العشرة. انظر السبعة/ ٣٢٥/. والحجة ٤/ ٢٦٦. والمبسوط/ ٢٣٣/. والتذكرة ٢/ ٣٦٤.
(٣) كذا ذكرت هذه القراءة في التبيان ٢/ ٦٧٠. والدر المصون ٦/ ١٧٥ دون نسبة. وحكاها الآلوسي ١١/ ٩٩ عن أبي البقاء.


الصفحة التالية
Icon