للذين آمنوا على طريق الأصالة، وأن الكفرة تَبَعٌ لهم، كقوله: ﴿وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ﴾ (١).
أو على أنها هي الخبر للمبتدأ الذي هو ﴿هِيَ﴾، فعلى هذا يكون ﴿لِلَّذِينَ﴾ من صلة خالصة ولا ذكر فيه، كأنه قيل: هي خالصة للذين آمنوا في يوم القيامة، بمعنى: تخلص لهم في ذلك اليوم، ولم يمتنع تعلق الظرفين بـ ﴿خَالِصَةً﴾ أعني ﴿لِلَّذِينَ﴾ و ﴿يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾؛ لأن الأول تبيين للخلوص، والثاني ظرف محض، والظرفان إذا اختلفا جاز تعلقهما بعامل واحد.
وقرئ: (خالصةً) بالنصب (٢)، على الحال من المستكن في الظرف الذي هو (للذين آمنوا) العائد إلى المبتدأ الذي هو ﴿هِيَ﴾، والعامل فيها الظرف نفسه، أي: هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا في حال خلوصها لهم يوم القيامة.
قال أبو علي: قال سيبويه: وقد قرؤوا هذا الحرف على وجهين:
﴿قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ بالرفع والنصب، فجعل اللام الجارة لغوًا في قول من رفع (خالصة)، ومستقرًا في قول من نصب (خالصة) انتهى كلامه (٣).
يعني جعل خبر المبتدأ الذي هو ﴿هِيَ﴾، (خالصة) على قول من رفع، و ﴿لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ على قول من نصب، وقد ذكرت أن قوله: ﴿فِي الْحَيَاةِ﴾ متعلق بـ ﴿آمَنُوا﴾، ولك أن تجعله خبرًا ثانيًا للمبتدأ الذي هو ﴿هِيَ﴾؛ لأن المبتدأ يكون له خبران فصاعدًا كقوله: {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (١٤) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ

(١) سورة البقرة، الآية: ١٢٦. والقول للزمخشري ٢/ ٦١.
(٢) هذه قراءة العشرة خلا نافعًا. انظر السبعة / ٢٨٠/. والحجة ٤/ ١٣. والمبسوط / ٢٠٨/. والنشر ٢/ ٢٦٩.
(٣) الحجة ٤/ ١٥.


الصفحة التالية
Icon