قوله عز وجل: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ (الحسنى) في موضع رفع بالابتداء، و (زيادةٌ) عطف عليها، و ﴿لِلَّذِينَ﴾ الخبر.
والحسنى: تأنيث الأحسن، أي: المثوبةُ الحسنى (١). وقيل: هي مصدر كالبشرى (٢) وقيل: هي الجنة، والزيادة: النظر إلى وجه الله عز وجل، عن ابن عباس وغيره من الصحابة رضوان الله عليهم، وبذلك فسرها رسول الله - ﷺ - على ما روي عنه (٣).
وقوله: ﴿وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ﴾ فيها وجهان:
أحدهما: مستأنفة.
والثاني: حال من المنوي في ﴿لِلَّذِينَ﴾.
﴿قَتَرٌ﴾: جمع قترة، وهي الغبرة التي معها سواد، عن أبي إسحاق وغيره (٤).
وقيل: السواد، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - وغيره (٥).
وقيل: هي الغبار، عن أبي عبيدة (٦)، وأنشد للفرزدق:

٢٨٤ - مُتَوَّجٌ برداءِ المُلْكِ يتبَعُهُ مَوْجٌ تَرَى فَوقَهُ الراياتِ والقَتَرَا (٧)
(١) كذا في الكشاف ٢/ ١٨٨. وهو قول الفراء ١/ ٤٦١.
(٢) حكى القرطبي ٨/ ٣٣١ عن عبد الرحمن بن سابط أن الحسنى هي البشرى.
(٣) أخرجه الطبري ١١/ ١٠٧ من حديث أُبي بن كعب - رضي الله عنه -، وذكره ابن القيم في حادي الأرواح / ٣٣٠/ من حديث انظر - رضي الله عنه -. وهو قول الجمهور، وقال النحاس في معانيه ٢/ ٢٨٨: عليه أهل الحديث. قلت: وخرجه الطبري عن كثير من الصحابة والتابعين. وانظر القرطبي ٨/ ٣٣٠. ولقد أحسن الرازي ١٧/ ٦٣ - ٦٤ في الرد على قول المعتزلة حول ما أثاروه عند هذه الآية.
(٤) معاني الزجاج ٣/ ١٥.
(٥) أخرجه الطبري ١١/ ١٠٩. والنحاس في معانيه ٣/ ٢٩٠.
(٦) مجاز القرآن ١/ ٢٧٧. وبه قال الطبري ١١/ ١٠٨.
(٧) انظر هذا الشاهد في مجاز القرآن الموضع السابق. وجامع البيان ١١/ ١٠٨. والصحاح (قتر). والنكت والعيون ٢/ ٤٣٣. والمحرر الوجيز ٩/ ٣٤.


الصفحة التالية
Icon