المفعول الثابت في نحو قوله: ﴿فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ﴾ (١) وتم الكلام، ثم قال: ﴿إِلَّا أَنْ يُهْدَى﴾ استثناء ليس من الأول، بمعنى: لكنه يحتاج أن يُهْدَى، كما يقال: فلان لا يُشْبعُ غيرَه إلّا أن يُشْبَعَ، أي: لكنه يحتاج أن يشبع.
وقيل: معناه: أمن لا يهتدي من الأوثان إلى مكان فينتقل إليه إلَّا أن يهدي، أي: إلَّا أن يُنقَل (٢).
وقرئ: في غير المشهور: (إلّا أن يَهَدّي) بفتح الهاء وتشديد الدال (٣)، من هدَّاه الذي هو مبالغة في هَدَاهُ، كما بولغ في صدَق وكذب، فقيل: صدَّق وكذَّب.
وقوله: ﴿فَمَا لَكُمْ﴾ (ما) استفهام، ومعناه التوبيخ والتقريع، ومحله الرفع بالابتداء و ﴿لَكُمْ﴾ الخبر، وهنا تم الكلام.
والمعنى: أي شيء لكم في عبادة الأوثان؟ ثم استأنف وقال جل ذكره: كيف تحكمون بالباطل حيث تزعمون أن له أمثالًا ونظراء؟
ومحل ﴿كَيْفَ﴾؛ نصب بـ ﴿تَحْكُمُونَ﴾. فإن قلت: ما محل قوله: ﴿أَنْ يُتَّبَعَ﴾؟ قلت: النصب على تقدير: بأن يُتَّبع، أي: بالاتباع، أو بالرفع إمَّا على البدل من (مَن) في قوله: ﴿أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ﴾ وهو بدل الاشتمال، أو على الابتداء وخبره ﴿أَحَقُّ﴾، والجملة خبر الابتداء الذي هو (مَن) في قوله: ﴿أَمَّنْ لَا يَهِدِّي﴾، وعلى الوجه الأول خبر (مَن) ﴿أَحَقُّ﴾، فاعرفه.
(٢) انظر المعنيين في الكشاف ٢/ ١٩٠ أيضًا.
(٣) كذا ذكر ابن عطية ٩/ ٤٢ هذه القراءة الشاذة، وضبطها كما قال المؤلف، ونسبها إلى يحيى بن الحارث الزماري، وانظر الكشاف ٢/ ١٩٠.